للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَثِيرَ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ، كَثِيرَ الصَّدَقَةِ، وَلَاسِيَّمَا عَلَى الْعَلَوِيِّينَ وَأَرْبَابِ الْبُيُوتِ، وَكَانَ يَكْرَهُ سَفْكَ الدِّمَاءِ، وَكَانَ يَتَشَيَّعُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ الصَّحَابَةَ ذِكْرًا حَسَنًا، وَيَلْعَنُ مَنْ يَسُبُّهُمْ، وَلَمَّا قُتِلَ أَرْسَلَ الْأُمَرَاءُ يَقُولُونَ لِلسُّلْطَانِ: الْمَصْلَحَةُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الرَّيِّ، وَنَحْنُ نَمْضِي إِلَى أَخِيكَ فَنُقَاتِلُهُ وَنَقْضِي هَذَا الْمُهِمَّ. فَسَارَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ، وَتَبِعَهُ مِائَتَا فَارِسٍ لَا غَيْرَ، وَنَهَبَ الْعَسْكَرُ سُرَادِقَ السُّلْطَانِ وَوَالِدَتِهِ وَجَمِيعَ أَصْحَابِهِ، وَعَادَ إِلَى الرَّيِّ، وَسَارَ الْعَسْكَرُ إِلَى السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَعْبَانَ، وَصَلَ إِلْكَيَّا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْهَرَّاسِ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، وَلَقَبُهُ عِمَادُ الدِّينِ شَمْسُ الْإِسْلَامِ، بِرِسَالَةٍ مِنَ السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ إِلَى الْخَلِيفَةِ، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيِّ، وَمَوْلِدُهُ خَمْسِينَ وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَاعْتَنَى بِأَمْرِهِ مَجْدُ الْمُلْكِ الْبَلَاسَانِيُّ، وَقَامَ لَهُ الْوَزِيرُ عَمِيدُ الدَّوْلَةِ بْنُ جَهِيرٍ لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ.

وَفِيهَا قُتِلَ أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيِّ بِنَيْسَابُورَ، وَكَانَ خَطِيبَهَا، وَاتَّهَمَ الْعَامَّةُ أَبَا الْبَرَكَاتِ الثَّعْلَبِيَّ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَعَى فِي قَتْلِهِ، فَوَثَبُوا بِهِ فَقَتَلُوهُ وَأَكَلُوا لَحْمَهُ.

وَفِيهَا كَانَ بِخُرَاسَانَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ، تَعَذَّرَتْ فِيهِ الْأَقْوَاتُ، وَدَامَ سَنَتَيْنِ، وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّ الْبَرْدَ أَهْلَكَ الزُّرُوعَ جَمِيعَهَا، وَلَحِقَ النَّاسَ بَعْدَهُ وَبَاءٌ جَارِفٌ، فَمَاتَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ عَجَزُوا عَنْ دَفْنِهِمْ لِكَثْرَتِهِمْ.

[الْوَفَيَاتُ]

وَفِيهَا، فِي شَعْبَانَ، تُوُفِّيَ أَبُو الْغَنَائِمِ الْفَارِقِيُّ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، بِجَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَكَانَ إِمَامًا فَاضِلًا زَاهِدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>