إِسْمَاعِيلُ، وَكَانُوا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، قَتَلَ مِنْهُمْ أَلْفَيْ رَجُلٍ صَبْرًا، وَقَطَعَ أَيْدِي أَلْفَيْنِ، وَوَفَدَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو زُرْعَةَ، كَانَ كَاتِبًا بِخُوزِسْتَانَ، فَحَسَّنَ لَهُ مَذْهَبَ الْبَاطِنِيَّةِ، فَأَجَابَ إِلَيْهِ.
وَكَانَ عِنْدَهُ فَقِيهٌ حَنَفِيٌّ يُقَالُ لَهُ: أَحْمَدُ بْنُ حُسَيْنٍ الْبَلْخِيُّ، كَانَ مُطَاعًا فِي النَّاسِ، فَأَحْضَرَهُ عِنْدَهُ لَيْلًا، وَأَطَالَ الْجُلُوسَ مَعَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ أَتْبَعَهُ بِمَنْ قَتَلَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ دَخَلُوا عَلَيْهِ، وَفِيهِمْ صَاحِبُ جَيْشِهِ، فَقَالَ لِتِيرَانْشَاهْ: أَيُّهَا الْمَلِكُ مَنْ قَتَلَ هَذَا الْفَقِيهَ؟ فَقَالَ: أَنْتَ شِحْنَةُ الْبَلَدِ، تَسْأَلُنِي مَنْ قَتَلَهُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْرِفُ قَاتِلَهُ! وَنَهَضَ مِنْ عِنْدِهِ، فَفَارَقَهُ فِي ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ، وَسَارَ إِلَى أَصْبَهَانَ، (فَأَرْسَلَ فِي أَثَرِهِ أَلْفَيْ فَارِسٍ لِيَرُدُّوهُ، فَقَاتَلَهُمْ، وَهَزَمَهُمْ، وَسَارَ إِلَى أَصْبَهَانَ) ، وَبِهَا السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ وَمُؤَيَّدُ الْمُلْكِ، فَأَكْرَمَهُ السُّلْطَانُ، وَقَالَ: أَنْتَ وَالِدُ الْمُلُوكِ.
وَامْتَعَضَ عَسْكَرُ كِرْمَانَ بَعْدَ مَسِيرِهِ، وَاجْتَمَعُوا، وَقَاتَلُوا تِيرَانْشَاهْ، وَأَخْرَجُوهُ عَنْ مَدِينَةِ بَرْدَسِيرَ (الَّتِي هِيَ كِرْمَانَ) ، فَلَمَّا فَارَقَهَا اتَّفَقَ الْقَاضِي وَالْجُنْدُ، وَأَقَامُوا أَرْسِلَانْشَاهْ بْنَ كِرْمَانْشَاهْ بْنِ قَاوَرْتَ بِكْ، وَسَارَ تِيرَانْشَاهْ إِلَى مَدِينَةِ بُمَّ مِنْ كِرْمَانَ، فَحَارَبَهُ أَهْلُهَا وَمَنَعُوهُ مِنْهَا، وَفِيهَا أَمِيرٌ يُعْرَفُ بِمُحَمَّدٍ بَهِسْتُونَ، فَأَرْسَلَ أَرْسِلَانْشَاهْ جَيْشًا حَصَرُوا الْقَلْعَةَ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ بَهِسْتُونَ لِتِيرَانْشَاهْ: انْصَرِفْ عَنِّي، فَلَسْتُ أَرَى الْغَدْرَ بِكَ، وَأَنَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، وَمَقَامُكَ عِنْدِي يُؤْذِينِي، وَأُتَّهَمُ بِكَ فِي دِينِي. فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ أَرْسَلَ مُحَمَّدٌ بَهِسْتُونَ إِلَى مُقَدَّمِ الْجَيْشِ الَّذِينَ يُحَاصِرُونَهُمْ يُعْلِمُهُ بِمَسِيرِ تِيرَانْشَاهْ، فَجَرَّدَ عَسْكَرًا إِلَى طَرِيقِهِ، فَخَرَجُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوهُ وَمَا مَعَهُ، وَأَخَذُوا أَيْضًا أَبَا زُرْعَةَ، فَأَرْسَلَ أَرْسِلَانْشَاهْ فَقَتَلَهُمَا، وَتَسَلَّمَ جَمِيعَ بِلَادِ كِرْمَانَ.
ذِكْرُ السَّبَبِ فِي قَتْلِ بَرْكِيَارُقَ الْبَاطِنِيَّةَ
لَمَّا اشْتَدَّ أَمْرُ الْبَاطِنِيَّةِ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُمْ، وَكَثُرَ عَدَدُهُمْ، صَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَعْدَائِهِمْ ذُحُولٌ وَإِحَنٌ، فَلَمَّا قَتَلُوا جَمَاعَةً مِنَ الْأُمَرَاءِ الْأَكَابِرِ، وَكَانَ أَكْثَرُ مَنْ قَتَلُوا مَنْ هُوَ فِي طَاعَةِ مُحَمَّدٍ، مُخَالِفٌ لِلسُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ، مِثْلُ شِحْنَةِ أَصْبَهَانَ سَرْمُزَ، وَأَرْغَشَ، وَكَمْشَ النِّظَامِيِّينَ، وَصَهْرِهِ، وَغَيْرِهِمْ، نَسَبَ أَعْدَاءُ بَرْكِيَارُقَ ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَاتَّهَمُوهُ بِالْمَيْلِ إِلَيْهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute