وَفِيهَا مَلَكَ الْفِرِنْجُ مَدِينَةَ سَرُوجٍ مِنْ بِلَادِ الْجَزِيرَةِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْفِرِنْجَ كَانُوا قَدْ مَلَكُوا مَدِينَةَ الرُّهَا بِمُكَاتَبَةٍ مِنْ أَهْلِهَا لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ أَرْمَنٌ، وَلَيْسَ بِهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا الْقَلِيلُ، فَلَمَّا كَانَ الْآنُ جَمَعَ سُقْمَانُ بِسَرُوجٍ جَمْعًا كَثِيرًا مِنَ التُّرْكُمَانِ، وَزَحَفَ إِلَيْهِمْ، فَلَقَوْهُ وَقَاتَلُوهُ، فَهَزَمُوهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَلَمَّا تَمَّتِ الْهَزِيمَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَارَ الْفِرِنْجُ إِلَى سَرُوجٍ، فَحَصَرُوهَا وَتَسَلَّمُوهَا، وَقَتَلُوا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِهَا وَسَبَوْا حَرِيمَهُمْ، وَنَهَبُوا أَمْوَالَهُمْ، وَلَمْ يَسْلَمْ إِلَّا مَنْ مَضَى مُنْهَزِمًا.
وَفِيهَا مَلَكَ الْفِرِنْجُ مَدِينَةَ حَيْفًا، وَهِيَ بِالْقُرْبِ مِنْ عَكَّةَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، مَلَكُوهَا عَنْوَةً، وَمَلَكُوا أَرْسُوفَ بِالْأَمَانِ، وَأَخْرَجُوا أَهْلَهَا مِنْهَا.
وَفِيهَا، فِي رَجَبٍ، مَلَكُوا مَدِينَةَ قَيْسَارِيَّةَ بِالسَّيْفِ، وَقَتَلُوا أَهْلَهَا، وَنَهَبُوا مَا فِيهَا.
ذِكْرُ عِدَّةَ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، تَقَدَّمَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَظْهِرُ بِاللَّهِ بِفَتْحِ جَامِعِ الْقَصْرِ، وَأَنْ يُصَلَّى فِيهِ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ، وَلَمْ تَكُنْ جَرَتْ بِذَلِكَ عَادَةٌ، وَأَمَرَ بِالْجَهْرِ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَهَذَا أَيْضًا لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ، وَإِنَّمَا تُرِكَ الْجَهْرُ بِالْبَسْمَلَةِ فِي جَوَامِعِ بَغْدَاذَ لِأَنَّ الْعَلَوِيِّينَ أَصْحَابَ مِصْرَ كَانُوا يَجْهَرُونَ بِهَا، فَتُرِكَ ذَلِكَ مُخَالَفَةً لَهُمْ لَا اتِّبَاعًا لِمَذْهَبِ أَحْمَدَ الْإِمَامِ، وَأَمَرَ أَيْضًا بِالْقُنُوتِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ خُتِمَ فِي جَامِعِ الْقَصْرِ، وَازْدَحَمَ النَّاسُ عِنْدَهُ، وَكَانَ زَعِيمُ الرُّؤَسَاءِ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ فَخْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ جَهِيرٍ أَخُو عَمِيدِ الدَّوْلَةِ قَدْ أُطْلِقَ مِنَ الِاعْتِقَالِ، فَاخْتَلَطَ بِالنَّاسِ، وَخَرَجَ إِلَى ظَاهِرِ بَغْدَاذَ مِنْ ثُلْمَةٍ فِي السُّورِ، وَسَارَ إِلَى سَيْفِ الدَّوْلَةِ صَدَقَةَ بْنِ مَزْيَدٍ، فَاسْتَقْبَلَهُ وَأَنْزَلَهُ وَأَكْرَمَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute