للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا قُتِلَ قَدَرْخَانُ وَلَّاهُ سَنْجَرُ أَعْمَالَهُ، وَسَيَّرَ مَعَهُ الْعَسَاكِرَ الْكَثِيرَةَ، فَعَبَرُوا النَّهْرَ، فَأَطَاعَهُ الْعَسَاكِرُ بِتِلْكَ الْبِلَادِ جَمِيعِهَا، وَعَظُمَ شَأْنُهُ، وَكَثُرَتْ جُمُوعُهُ، إِلَّا أَنَّهُ انْتَصَبَ لَهُ أَمِيرٌ اسْمُهُ هَاغُوبَكُ، وَزَاحَمَهُ فِي الْمُلْكِ، فَطَمَعَ فِيهِ فَجَرَى لَهُ مَعَهُ حُرُوبٌ احْتَاجَ فِي بَعْضِهَا إِلَى الِاسْتِنْجَادِ بِعَسَاكِرِ سَنْجَرَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَلَمَّا مَلَكَ مُحَمَّدْ خَانْ الْبِلَادَ أَحْسَنَ إِلَى الرَّعَايَا بِوَصِيَّةٍ مِنْ سَنْجَرَ، وَحَقَنَ الدِّمَاءَ، وَصَارَ بَابُهُ مَقْصِدًا، وَجُنَابُهُ مَلْجَأً.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، خَرَجَ تَاجُ الرُّؤَسَاءِ ابْنُ أُخْتِ أَمِينِ الدَّوْلَةِ أَبِي سَعْدِ بْنِ الْمُوصَلَايَا إِلَى الْحِلَّةِ السَّيْفِيَّةِ، مُسْتَجِيرًا بِسَيْفِ الدَّوْلَةِ صَدَقَةَ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَزِيرَ الْأَعَزَّ وَزِيرَ السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ كَانَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُمِيلُ جَانِبَ الْخَلِيفَةِ إِلَى السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، فَسَارَ خَائِفًا، وَاعْتَزَلَ خَالُهُ أَمِينُ الدَّوْلَةِ الدِّيوَانَ، وَجَلَسَ فِي دَارِهِ، فَلَمَّا قُتِلَ الْوَزِيرُ الْأَعَزُّ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا، عَادَ تَاجُ الرُّؤَسَاءِ مِنَ الْحِلَّةِ إِلَى بَغْدَاذَ، وَعَادَ خَالُهُ إِلَى مَنْصِبِهِ.

وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَيْضًا وَرَدَ الْعَمِيدُ الْمُهَذَّبُ أَبُو الْمَجْدِ، أَخُو الْوَزِيرِ الْأَعَزِّ، إِلَى بَغْدَاذَ، نَائِبًا عَنْ أَخِيهِ، ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ إِيلْغَازِي لَا يُخَالِفُهُمْ، حَيْثُ كَانَ بَرْكِيَارُقُ وَمُحَمَّدٌ قَدِ اتَّفَقَا، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ إِيلْغَازِي، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ طَاعَةِ مُحَمَّدٍ.

وَفِيهَا فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَرَدَ إِلَى بَغْدَاذَ ابْنُ تُكُشَ بْنِ أَلْبِ أَرْسِلَانَ، وَكَانَ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى الْمَوْصِلِ، فَخَدَعَهُ مَنْ كَانَ بِهَا، حَتَّى سَارَ عَنْهَا إِلَى بَغْدَاذَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهَا زَوَّجَهُ إِيلْغَازِي بْنُ أُرْتُقَ ابْنَتَهُ.

وَفِيهَا، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، اسْتَوْزَرَ الْخَلِيفَةُ سَدِيدَ الْمُلْكِ أَبَا الْمَعَالِي بْنَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَلُقِّبَ عَضُدَ الدِّينِ.

وَفِيهَا، فِي صَفَرٍ، قَتَلَ الرَّبَعِيُّونَ بِهَيْتَ قَاضِيَ الْبَلَدِ أَبَا عَلِيِّ بْنَ الْمُثَنَّى، وَكَانَ وَرِعًا، فَقِيهًا، حَنَفِيًّا، مِنْ أَصْحَابِ الْقَاضِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيِّ، وَكَانَ هَذَا الْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>