قَالَ: ذَاكَ رَبِيعَةُ بْنُ قُرْطِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. قَالَتْ: وَرَأَيْتُ رَجُلًا أَقْرَنَ الْحَاجِبَيْنِ، كَثِيرَ شَعْرِ السَّبْلَةِ، يَسِيلُ لُعَابُهُ عَلَى لِحْيَتِهِ إِذَا تَكَلَّمَ. قَالَ: ذَاكَ جُنْدُحُ بْنُ الْبَكَّاءِ. قَالَتْ: وَرَأَيْتُ رَجُلًا صَغِيرَ الْعَيْنَيْنِ، ضَيِّقَ الْجَبْهَةِ، يَقُودُ فَرَسًا لَهُ، مَعَهُ جَفِيرٌ لَا يُفَارِقُ يَدَهُ. قَالَ: ذَاكَ رَبِيعَةُ بْنُ عُقَيْلِ بْنِ كَعْبٍ. قَالَتْ: وَرَأَيْتُ رَجُلًا مَعَهُ ابْنَانِ أَصْهَبَانِ، إِذَا أَقْبَلَا رَمَاهُمَا النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَإِذَا أَدْبَرَا كَانَا كَذَلِكَ. قَالَ: ذَاكَ الصَّعْقُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ نُفَيْلٍ وَابْنَاهُ يَزِيدُ وَزُرْعَةُ. قَالَتْ: وَرَأَيْتُ رَجُلًا لَا يَقُولُ كَلِمَةً إِلَّا وَهِيَ أَحَدُّ مِنْ شَفْرَةٍ. قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْدَةَ بْنِ كَعْبٍ.
وَأَمَرَهَا زُرَارَةُ فَدَخَلَتْ بَيْتَهَا، وَأَرْسَلَ زُرَارَةُ إِلَى الرِّعَاءِ يَأْمُرُهُمْ بِإِحْضَارِ الْإِبِلِ، فَفَعَلُوا. وَأَمَرَهُمْ فَحَمَلُوا الْأَهْلَ وَالْأَثْقَالَ وَسَارُوا نَحْوَ بِلَادِ بَغِيضٍ، وَفَرَّقَ الرُّسُلَ فِي بَنِي مَالِكِ بْنِ حَنْظَلَةَ فَأَتَوْهُ، فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ وَأَمَرَهُمْ، فَوَجَّهُوا أَثْقَالَهُمْ إِلَى بِلَادِ بَغِيضٍ، فَفَعَلُوا وَبَاتُوا مُعَدِّينَ.
وَأَصْبَحَ بَنُو عَامِرٍ وَأَخْبَرَهُمُ الْغَنَوِيُّ حَالَ الظَّعِينَةِ وَهَرَبَهَا فَسُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَاجْتَمَعُوا يُدِيرُونَ الرَّأْيَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَأَنِّي بِالظَّعِينَةِ قَدْ أَتَتْ قَوْمَهَا فَأَخْبَرَتْهُمُ الْخَبَرَ، فَحَذِرُوا وَأَرْسَلُوا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَى بِلَادِ بَغِيضٍ، وَبَاتُوا مُعَدِّينَ لَكُمْ فِي السِّلَاحِ، فَارْكَبُوا بِنَا فِي طَلَبِ نَعَمِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يَشْعُرُونَ حَتَّى نُصِيبَ حَاجَتَنَا وَنَنْصَرِفَ. فَرَكِبُوا يَطْلُبُونَ ظُعْنَ بَنِي دَارِمٍ، فَلَمَّا أَبْطَأَ الْقَوْمُ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ لِقَوْمِهِ: إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ تَوَجَّهُوا إِلَى ظُعُنِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ فَسِيرُوا إِلَيْهِمْ. فَسَارُوا مُجِدِّينَ فَلَحِقُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلُوا إِلَى الظُّعُنِ وَالنَّعَمِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَقَتَلَتْ بَنُو مَالِكِ بْنِ حَنْظَلَةَ ابْنِ الْخِمْسِ التَغْلِبِيِّ رَئِيسَ جَيْشِ النُّعْمَانِ، وَأَسَرَتْ بَنُو عَامِرٍ مَعْبَدَ بْنَ زُرَارَةَ، وَصَبَرَ بَنُو دَارِمٍ حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَأَقْبَلَ قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، فَانْهَزَمَتْ بَنُو عَامِرٍ وَجَيْشُ النُّعْمَانِ وَعَادُوا إِلَى بِلَادِهِمْ وَمَعْبَدٌ أَسِيرٌ مَعَ بَنِي عَامِرٍ، فَبَقِيَ مَعَهُمْ حَتَّى مَاتَ.
وَفِي تِلْكَ الْأَيَّامِ أَيْضًا مَاتَ زُرَارَةُ بْنُ عُدَسٍ.
وَقِيلَ فِي اسْتِجَارَةِ الْحَارِثِ بِبَنِي تَمِيمٍ غَيْرُ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ النُّعْمَانَ طَلَبَ شَيْئًا يَغِيظُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute