فَلَيُقْتَلَنَّ بِخَالِدٍ سَرَوَاتِكُمْ
وَلَيُجْعَلَنَّ لِظَالِمٍ تِمْثَالَا
فَأَجَابَهُ الْحَارِثُ:
تَاللَّهِ قَدْ نَبَّهْتُهُ فَوَجَدْتُهُ ... رَخْوَ الْيَدَيْنِ مُوَاكِلًا عِسْقَالَا
فَعَلَوْتُهُ بِالسَّيْفِ أَضْرِبُ رَأْسَهُ ... حَتَّى أَضَلَّ بِسَلْحِهِ السِّرْبَالَا
فَجَعَلَ النُّعْمَانُ يَطْلُبُهُ لِيَقْتُلَهُ بِجَارِهِ، وَهَوَازِنُ تَطْلُبُهُ لِتَقْتُلَهُ بِسَيِّدِهَا خَالِدٍ، فَلَحِقَ بِتَمِيمٍ فَاسْتَجَارَ بِضَمْرَةَ بْنِ ضَمْرَةَ بْنِ جَابِرِ بْنِ قَطَنِ بْنِ نَهْشَلِ بْنِ دَارِمٍ، فَأَجَارَهُ عَلَى النُّعْمَانِ وَهَوَازِنَ، فَلَمَّا عَلِمَ النُّعْمَانُ ذَلِكَ جَهَّزَ جَيْشًا إِلَى بَنِي دَارِمٍ عَلَيْهِمُ ابْنُ الْخِمْسِ التَغْلِبِيُّ، وَكَانَ يَطْلُبُ الْحَارِثَ بِدَمِ أَبِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ قَتَلَهُ.
ثُمَّ إِنَّ الْأَحْوَصَ بْنَ جَعْفَرٍ أَخَا خَالِدٍ جَمَعَ بَنِي عَامِرٍ وَسَارَ بِهِمْ، فَاجْتَمَعُوا هُمْ وَعَسْكَرُ النُّعْمَانِ عَلَى بَنِي دَارِمٍ وَسَارُوا، فَلَمَّا صَارُوا بِأَدْنَى مِيَاهِ بَنِي دَارِمٍ رَأَوُا امْرَأَةً تَجْنِي الْكَمْأَةَ وَمَعَهَا جَمَلٌ لَهَا، فَأَخَذَهَا رَجُلٌ مِنْ غَنِيٍّ وَتَرَكَهَا عِنْدَهُ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ نَامَ فَقَامَتْ إِلَى جَمَلِهَا فَرَكِبَتْهُ، وَسَارَتْ حَتَّى صَبَّحَتْ بَنِي دَارِمٍ، وَقَصَدَتْ سَيِّدَهُمْ زُرَارَةَ بْنَ عُدَسٍ فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ وَقَالَتْ: أَخَذَنِي أَمْسِ قَوْمٌ لَا يُرِيدُونَ غَيْرَكَ وَلَا أَعْرِفُهُمْ. قَالَ: فَصِفِيهِمْ لِي. قَالَتْ: رَأَيْتُ رَجُلًا قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ فَهُوَ يَرْفَعُهُمَا بِخِرْقَةٍ، صَغِيرَ الْعَيْنَيْنِ، وَعَنْ أَمْرِهِ يَصْدُرُونَ. قَالَ: ذَاكَ الْأَحْوَصُ وَهُوَ سَيِّدُ الْقَوْمِ. قَالَتْ: وَرَأَيْتُ رَجُلًا قَلِيلَ الْمَنْطِقِ إِذَا تَكَلَّمَ اجْتَمَعَ الْقَوْمُ كَمَا تَجْتَمِعُ الْإِبِلُ لِفَحْلِهَا، أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا، وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ يُلَازِمَانِهِ. قَالَ: ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنَاهُ عَامِرٌ وَطُفَيْلٌ. قَالَتْ: وَرَأَيْتُ رَجُلًا جَسِيمًا كَأَنَّ لِحْيَتَهُ مُحَمَّرَةٌ مُعَصْفَرَةٌ. قَالَ: ذَاكَ عَوْفُ بْنُ الْأَحْوَصِ. قَالَتْ: وَرَأَيْتُ رَجُلًا هِلْقَامًا جَسِيمًا. قَالَ: ذَاكَ رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ كُلَابٍ. قَالَتْ: وَرَأَيْتُ رَجُلًا أَسْوَدَ أَخْنَسَ قَصِيرًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute