وَفِيهَا، فِي شَعْبَانَ أَيْضًا، اسْتَوْزَرَ الْمُسْتَظْهِرُ بِاللَّهِ زَعِيمَ الرُّؤَسَاءِ أَبَا الْقَاسِمِ بْنَ جَهِيرٍ، وَاسْتَقْدَمَهُ مِنَ الْحِلَّةِ مِنْ عِنْدِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ صَدَقَةَ،، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي السَّنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ سَبَبَ مَسِيرِهِ إِلَيْهَا، فَلَمَّا قَدِمَ إِلَى بَغْدَاذَ خَرَجَ كُلُّ أَرْبَابِ الدَّوْلَةِ فَاسْتَقْبَلُوهُ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ الْخِلَعُ التَّامَّةُ، وَأُجْلِسَ فِي الدِّيوَانِ وَلُقِّبَ قِوَامُ الدِّينِ.
وَفِيهِ أَيْضًا قُتِلَ أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنُ الْخُجَنْدِيِّ بِالرَّيِّ، وَكَانَ يَعِظُ النَّاسَ، فَقَتَلَهُ رَجُلٌ عَلَوِيٌّ حِينَ نَزَلَ مِنْ كُرْسِيِّهِ، وَقُتِلَ الْعَلَوِيُّ وَدُفِنَ الْخُجَنْدِيُّ بِالْجَامِعِ، وَأَصْلُ بَيْتِ الْخُجَنْدِيِّ مِنْ مَدِينَةِ خُجَنْدَةَ، بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَيُنْسَبُونَ إِلَى الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، وَكَانَ نِظَامُ الْمُلْكِ قَدْ سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ ثَابِتٍ الْخُجَنْدِيَّ يَعِظُ بِمَرْوَ، فَأَعْجَبَهُ كَلَامُهُ، وَعَرِفَ مَحَلَّهُ مِنَ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ، فَحَمَلَهُ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَصَارَ مُدَرِّسًا بِمَدْرَسَتِهِ بِهَا، فَنَالَ جَاهًا عَرِيضًا، وَدُنْيَا وَاسِعَةً، وَكَانَ نِظَامُ الْمُلْكِ يَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ وَيَزُورُهُ.
وَفِيهَا جَمَعَ سَاغَرُبَكْ، بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، جُمُوعًا كَثِيرَةً، وَهُوَ مِنْ أَوْلَادِ الْخَانِيَّةِ، وَقَصَدَ مُحَمَّدْ خَانْ الَّذِي مَلَّكَهُ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ سَمَرْقَنْدَ، وَنَازَعَهُ فِي مُلْكِهَا، فَضَعُفَ، مُحَمَّدْ خَانْ عَنْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى السُّلْطَانِ سَنْجَرَ يَسْتَنْجِدُهُ، فَسَارَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، فَأَبْعَدَ عَنْهُ سَاغَرُبَكْ، وَخَافَهُ، وَاحْتَمَى مِنْهُ، وَأَرْسَلَ يَطْلُبُ الْأَمَانَ مِنْ سَنْجَرَ، وَالْعَفْوَ، فَأَجَابَهُ إِلَى مَا طَلَبَ، وَحَضَرَ سَاغَرْبَكُ عِنْدَهُ، وَقَرَّرَ الصُّلْحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدْ خَانْ، وَحَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، وَعَادَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَوَصَلَ إِلَى مَرْوَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
[الْوَفَيَاتُ] وَفِيهَا تُوُفِّيَ أَبُو الْمَعَالِي [الرَّجُلُ] الصَّالِحُ، سَاكِنُ بَابِ الطَّاقِ، وَكَانَ مُقِلًّا مِنَ الدُّنْيَا، لَهُ كَرَامَاتٌ ظَاهِرَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute