السَّنَةِ الْخَالِيَةِ إِلَى الْفِرِنْجِ، فَقَهَرَهُمْ، وَأَخَذَ الرَّمْلَةَ مِنْهُمْ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمِصْرِيُّونَ وَالْعَرَبُ، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّ الْفَتْحَ لَهُ، فَأَتَاهُمْ سَرِيَّةُ الْفِرِنْجِ، فَتَقَاعَدَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ بِالْآخَرِ، حَتَّى كَادَ الْفِرِنْجُ يَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ، فَرَحَلَ عِنْدَ ذَلِكَ شَرَفُ الْمَعَالِي إِلَى أَبِيهِ بِمِصْرَ، فَنَفَّذَ وَلَدَهُ الْآخَرَ، وَهُوَ سَنَاءُ الْمُلْكِ حُسَيْنٌ، فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ مِنْهُمْ جَمَالُ الْمُلْكِ، النَّائِبُ بِعَسْقَلَانَ لِلْمِصْرِيِّينَ، وَأَرْسَلُوا إِلَى طُغْتِكِينَ أَتَابِكَ بِدِمَشْقَ يَطْلُبُونَ مِنْهُ عَسْكَرًا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَصْبَهْبَذْ صَبَاوَةُ وَمَعَهُ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةٍ فَارِسٍ.
وَكَانَ الْمِصْرِيُّونَ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ، وَقَصَدَهُمْ بَغْدَوِينُ الْفِرِنْجيُّ، صَاحِبُ الْقُدْسِ، وَعَكَّةَ، وَيَافَا، فِي أَلْفٍ وَثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ، وَثَمَانِيَةِ آلَافِ رَاجِلٍ، فَوَقَعَ الْمَصَافُّ بَيْنَهُمْ بَيْنَ عَسْقَلَانَ وَيَافَا، فَلَمْ تَظْهَرْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، فَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَلْفٌ وَمِائَتَانِ، وَمِنَ الْفِرِنْجِ مِثْلُهُمْ، وَقُتِلَ جِمَالُ الْمُلْكِ، أَمِيرُ عَسْقَلَانَ.
فَلَمَّا رَأْي الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُمْ قَدْ تَكَافَأُوا فِي النِّكَايَةِ قَطَعُوا الْحَرْبَ وَعَادُوا إِلَى عَسْقَلَانَ، وَعَادَ صَبَاوَةُ إِلَى دِمَشْقَ، وَكَانَ مَعَ الْفِرِنْجِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ بَكْتَاشُ بْنُ تُتُشَ، وَكَانَ طُغْتِكِينُ قَدْ عَدَلَ فِي الْمُلْكِ إِلَى وَلَدِ أَخِيهِ دُقَاقَ، وَهُوَ طِفْلٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، فَدَعَاهُ ذَلِكَ إِلَى قَصْدِ الْفِرِنْجِ، وَالْكَوْنِ مَعَهُمْ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَظُمَ فَسَادُ التُّرْكُمَانَ بِطَرِيقِ خُرَاسَانَ مِنْ أَعْمَالِ الْعِرَاقِ، وَقَدْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَنْهَبُونَ الْأَمْوَالَ، وَيَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ، إِلَّا أَنَّهُمْ عِنْدَهُمْ مُرَاقَبَةٌ.
فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ السَّنَةُ اطَّرَحُوا الْمُرَاقَبَةَ، وَعَمِلُوا الْأَعْمَالَ الشَّنِيعَةَ، فَاسْتَعْمَلَ إِيلْغَازِي بْنُ أُرْتُقَ، وَهُوَ شِحْنَةُ الْعِرَاقِ، عَلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ ابْنَ أَخِيهِ بَلْكَ بْنَ بَهْرَامَ بْنِ أُرْتُقَ، وَأَمَرَهُ بِحِفْظِهِ وَحِيَاطَتِهِ، وَمَنْعِ الْفَسَادِ عَنْهُ، فَقَامَ فِي ذَلِكَ الْقِيَامَ الْمُرْضِيَ، وَحَمَى الْبِلَادَ، وَكَفَّ الْأَيْدِيَ الْمُتَطَاوِلَةَ، وَسَارَ بَلْكُ إِلَى حِصْنِ خَانِيجَارَ، وَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ سُرْخَابَ بْنِ بَدْرٍ، فَحَصَرَهُ وَمَلَكَهُ.
وَفِيهَا، فِي شَعْبَانَ، جَعَلَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ قَسِيمَ الدَّوْلَةِ سَنْقَرَ الْبُرْسُقِيَّ شِحْنَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute