للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ حَالِ الْفِرِنْجِ هَذِهِ السَّنَةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ بِالشَّامِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَعْبَانَ، كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ طَنْكِرِي الْفِرِنْجيِّ، صَاحِبِ أَنْطَاكِيَةَ، وَبَيْنَ الْمَلِكِ رِضْوَانَ، صَاحِبِ حَلَبَ، انْهَزَمَ فِيهَا رِضْوَانُ.

وَسَبَبُهَا أَنَّ طَنْكِرِي حَصَرَ حِصْنَ أَرْتَاحَ، وَبِهِ نَائِبُ الْمَلِكِ رِضْوَانَ، فَضَيَّقَ الْفِرِنْجُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَأَرْسَلَ النَّائِبُ بِالْحِصْنِ إِلَى رِضْوَانَ يُعَرِّفُهُ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْحَصْرِ الَّذِي أَضْعَفَ نَفْسَهُ وَيَطْلُبُ النَّجْدَةَ، فَسَارَ رِضْوَانُ فِي عَسْكَرٍ كَثِيرٍ مِنَ الْخَيَّالَةِ، وَسَبْعَةِ آلَافٍ مِنَ الرَّجَّالَةِ، مِنْهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ مِنَ الْمُتَطَوِّعَةِ، فَسَارُوا حَتَّى وَصَلُوا إِلَى قِنَّسْرِينَ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْفِرِنْجِ قَلِيلٌ، فَلَمَّا رَأَى طَنْكِرِي كَثْرَةَ الْمُسْلِمِينَ أَرْسَلَ إِلَى رِضْوَانَ يَطْلُبُ الصُّلْحَ، فَأَرَادَ أَنْ يُجِيبَ، فَمَنَعَهُ أَصْبَهْبَذْ صَبَاوَةُ، وَكَانَ قَدْ قَصَدَهُ، وَصَارَ مَعَهُ بَعْدَ قَتْلِ إِيَازَ، فَامْتَنَعَ مِنَ الصُّلْحِ، وَاصْطَفُّوا لِلْحَرْبِ، فَانْهَزَمَتِ الْفِرِنْجُ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، ثُمَّ قَالُوا: نَعُودُ وَنَحْمِلُ عَلَيْهِمْ حَمْلَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ كَانَتْ لَنَا، وَإِلَّا انْهَزَمْنَا، فَحَمَلُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَثْبُتُوا، وَانْهَزَمُوا، وَقُتِلَ مِنْهُمْ وَأُسِرَ كَثِيرٌ.

وَأَمَّا الرَّجَّالَةُ فَإِنَّهُمْ كَانُوا قَدْ دَخَلُوا مُعَسْكَرَ الْفِرِنْجِ لَمَّا انْهَزَمُوا، فَاشْتَغَلُوا بِالنَّهْبِ، فَقَتَلَهُمُ الْفِرِنْجُ، وَلَمْ يَنْجُ إِلَّا الشَّرِيدُ فَأُخِذَ أَسِيرًا، وَهَرَبَ مَنْ فِي أَرْتَاحُ إِلَى حَلَبَ، وَمَلَكَهُ الْفِرِنْجُ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَرَبَ أَصْبَهْبَذْ صَبَاوَةُ إِلَى طُغْتِكِينَ أَتَابِكَ بِدِمَشْقَ، فَصَارَ مَعَهُ، وَمِنْ أَصْحَابِهِ.

ذِكْرُ حَرْبِ الْفِرِنْجِ وَالْمِصْرِيِّينَ

فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ الْفِرِنْجِ وَالْمُسْلِمِينَ كَانُوا فِيهَا عَلَى السَّوَاءِ.

وَسَبَبُهَا أَنَّ الْأَفْضَلَ، وَزِيرَ صَاحِبِ مِصْرَ، كَانَ قَدْ سَيَّرَ وَلَدَهُ شَرَفَ الْمَعَالِي فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>