فِي الْوَادِي، وَأَسَرُوا مَنْ بِالْحِصْنِ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُتِلُوا كُلُّهُمْ، وَاسْتَبْقَى الْفُرْسَانَ أُسَرَاءَ، وَكَانُوا مِائَتَيْ فَارِسٍ، وَلَمْ يَنْجُ مِمَّنْ كَانَ فِي الْحِصْنِ إِلَّا الْقَلِيلُ.
وَعَادَ طُغْتِكِينُ إِلَى دِمَشْقَ مَنْصُورًا، فَزُيِّنَ الْبَلَدُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ.
وَخَرَجَ مِنْهَا إِلَى رَفَنِيَةَ، وَهُوَ مِنْ حُصُونِ الشَّامِ، وَقَدْ تَغَلَّبَ عَلَيْهِ الْفِرِنْجُ، وَصَاحِبُهُ ابْنُ أُخْتِ صَنْجِيلَ الْمُقِيمِ عَلَى حِصَارِ طَرَابُلُسَ، فَحَصَرَهُ طُغْتِكِينُ، وَمَلَكَهُ، وَقَتَلَ بِهِ خَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ مِنَ الْفِرِنْجِ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ عُبَادَةَ وَخَفَاجَةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ حَرْبٌ شَدِيدَةٌ بَيْنَ عُبَادَةَ وَخَفَاجَةَ.
وَسَبَبُهَا: أَنَّ رَجُلًا مِنْ عُبَادَةَ أَخَذَ مِنْهُ جَمَاعَةُ خَفَاجَةَ جَمَلَيْنِ، فَجَاءَ إِلَيْهِمْ وَطَالَبَهُمْ بِهِمَا، فَلَمْ يُعْطُوهُ شَيْئًا، فَأَخَذَ مِنْهُمْ غَارَةً أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا، فَلَحِقَتْهُ خَفَاجَةُ، وَقَتَلُوا مِنْ أَصْحَابِهِ رَجُلًا، وَقَطَعُوا يَدَ آخَرَ، وَكَانَ ذَلِكَ بِالْمَوْقِفِ مِنَ الْحِلَّةِ السَّيْفِيَّةِ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ أَهْلُهَا.
فَسَمِعَتْ عُبَادَةُ الْخَبَرَ، فَتَوَاعَدَتْ، وَانْحَدَرَتْ إِلَى الْعِرَاقِ لِلْأَخْذِ بِثَأْرِهَا، وَسَارُوا مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أُمَرَائِهِمْ، فَبَلَغَتْ عِدَّتُهُمْ سَبْعَمِائَةِ فَارِسٍ، وَكَانَتْ خَفَاجَةُ دُونَ هَذِهِ الْعِدَّةِ، فَرَاسَلَتْهُمْ خَفَاجَةُ يَبْذُلُونَ الدِّيَةَ وَيَصْطَلِحُونَ، فَلَمْ تُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ عُبَادَةُ، وَأَشَارَ بِهِ سَيْفُ الدَّوْلَةِ صَدَقَةُ، فَلَمْ تَقْبَلْ عُبَادَةُ، فَالْتَقَوْا وَاقْتَتَلُوا بِالْقُرْبِ مِنَ الْكُوفَةِ، وَمَعَ عُبَادَةَ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ بَيْنَ الْبُيُوتِ، فَكَمَّنَتْ لَهُمْ خَفَاجَةُ ثَلَاثَمِائَةِ فَارِسٍ، وَقَاتَلُوهُمْ مُطَارَدَةً مِنْ غَيْرِ جِدٍّ فِي الْقِتَالِ، فَدَامُوا كَذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ إِنَّهُمُ اشْتَدَّ بَيْنَهُمُ الْقِتَالُ، وَاخْتَلَطُوا، حَتَّى تَرَكُوا الرِّمَاحَ، وَتَضَارَبُوا بِالسُّيُوفِ.
فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، وَقَدْ أَعْيَا الْفَرِيقَانِ، إِذْ طَلَعَ كَمِينُ خَفَاجَةَ، وَهُمْ مُسْتَرِيحُونَ، فَانْهَزَمَتْ عُبَادَةُ، وَانْتَصَرَتْ عَلَيْهِمْ خَفَاجَةُ، وَقُتِلَ مِنْ وُجُوهِ عُبَادَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute