للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، وَمِنْ خَفَاجَةَ جَمَاعَةٌ، وَغَنِمَتْ خَفَاجَةُ الْأَمْوَالَ مِنَ الْخَيْلِ، وَالْأَبِلِ، وَالْغَنَمِ، وَالْعَبِيدِ، وَالْإِمَاءِ.

وَكَانَ الْأَمِيرُ صَدَقَةُ بْنُ مَزْيَدٍ قَدْ أَعَانَ خَفَاجَةَ سِرًّا، فَلَمَّا وَصَلَ الْمُنْهَزِمُونَ إِلَيْهِ هَنَّأَهُمْ صَدَقَةُ بِالسَّلَامَةِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: مَازِلْتُ أُقَاتِلُ، وَأُضَارِبُ،، أَنَا طَامِعٌ فِي الظَّفَرِ بِهِمْ، حَتَّى رَأَيْتُ فَرَسَكَ الشَّقْرَاءَ تَحْتَ أَحَدِهِمْ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُمْ أَجْلَبُوا عَلَيْنَا بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكِ، وَأَنَّنَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِمْ، فَنُصِرُوا عَلَيْنَا بِمَعُونَتِكَ، وَفَلُّونَا بِحَدِّكَ. فَلَمْ يُجِبْهُ صَدَقَةُ.

ذِكْرُ مُلْكِ صَدَقَةَ الْبَصْرَةَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي جُمَادَى الْأُولَى، انْحَدَرَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ مِنَ الْحِلَّةِ إِلَى الْبَصْرَةِ فَمَلَكَهَا.

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ تَمَكُّنَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَرْسِلَانَجِقْ مِنَ الْبَصْرَةِ وَنَوَاحِيهَا، وَأَقَامَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ نَافِذَ الْأَمْرِ، وَازْدَادَ قُوَّةً وَتَمَكُّنًا بِالِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ السَّلَاطِينِ، وَأَخَذَ الْأَمْوَالَ السُّلْطَانِيَّةِ، وَكَانَ قَدْ رَاسَلَ صَدَقَةَ، وَأَظْهَرَ لَهُ أَنَّهُ فِي طَاعَتِهِ وَمُوَافَقَتِهِ. فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ لِلسُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ أَرَادَ أَنْ يُرْسِلَ إِلَى الْبَصْرَةِ مُقْطَعًا يَأْخُذُهَا مِنْ إِسْمَاعِيلَ، فَخَاطَبَ صَدَقَةُ فِي مَعْنَاهُ، حَتَّى أُقِرَّتِ الْبَصْرَةُ عَلَيْهِ، فَأَنْفَذَ السُّلْطَانَ عَمِيدًا إِلَيْهَا لِيَتَوَلَّى مَا يَتَعَلَّقُ بِالسُّلْطَانِ هُنَاكَ، فَمَنَعَهُ إِسْمَاعِيلُ، وَلَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ عَمَلِهِ، وَفَعَلَ مَا خَرَجَ بِهِ عَنْ حَدِّ الْمُجَامَلَةِ، فَأَمَرَ السُّلْطَانُ صَدَقَةَ بِقَصْدِهِ، وَأَخْذِ الْبَصْرَةِ مِنْهُ، فَتَحَرَّكَ لِذَلِكَ.

فَاتَّفَقَ ظُهُورُ مَنْكُبْرُسَ، وَخِلَافُهُ عَلَى السُّلْطَانِ، وَأَنَّهُ عَلَى قَصْدِ وَاسِطَ، فَسُرَّ إِسْمَاعِيلُ بِذَلِكَ، وَزَادَ انْبِسَاطُهُ، وَأَرْسَلَ صَدَقَةُ حَاجِبًا لَهُ، وَكَانَ قَبْلَهُ قَدْ خَدَمَ أَبَاهُ وَجَدَّهُ، إِلَى إِسْمَاعِيلَ يَأْمُرُهُ بِتَسْلِيمِ الشُّرْطَةِ وَأَعْمَالِهَا إِلَى مُهَذَّبِ الدَّوْلَةِ بْنِ أَبِي الْجَبْرِ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي ضَمَانِهِ، فَوَصَلَ إِلَى الشُّرْطَةِ، وَأَخَذَ مِنْهَا أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَحْضَرَهُ إِسْمَاعِيلُ وَحَبَسَهُ، وَأَخَذَ الدَّنَانِيرَ مِنْهُ، فَلَمَّا رَأَى صَدَقَةُ مُكَاشَفَتَهُ سَارَ مِنْ حِلَّتِهِ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ يُرِيدُ قَصْدَ الرَّحْبَةِ، ثُمَّ جَدَّ السَّيْرَ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَلَمْ يَشْعُرْ إِسْمَاعِيلُ إِلَّا بِقُرْبِهِ مِنْهُ، فَفَرَّقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>