خَالِنْجَانَ، وَجَدَّدَ الْحِصَارَ عَلَيْهِمْ، فَطَلَبُوا أَنْ يَنْزِلَ بَعْضُهُمْ، وَيُرْسِلَ السُّلْطَانُ مَعَهُمْ مَنْ يَحْمِيهِمْ إِلَى أَنْ يَصِلُوا إِلَى قَلْعَةِ النَّاظِرِ بِأَرَّجَانَ، وَهِيَ لَهُمْ، وَيَنْزِلُ بَعْضُهُمْ، وَيُرْسِلُ مَعَهُمْ مَنْ يُوَصِّلُهُمْ إِلَى طَبَسَ، وَأَنْ يُقِيمَ الْبَقِيَّةُ مِنْهُمْ فِي ضِرْسٍ مِنَ الْقَلْعَةِ، إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِمْ مَنْ يُخْبِرُهُمْ بِوُصُولِ أَصْحَابِهِمْ، فَيَنْزِلُونَ حِينَئِذٍ، وَيُرْسِلُ مَعَهُمْ مَنْ يُوَصِّلُهُمْ إِلَى ابْنِ الصَّبَّاحِ بِقَلْعَةِ أَلَمَوْتَ، فَأَجِيبُوا إِلَى ذَلِكَ، فَنَزَلَ مِنْهُمْ إِلَى النَّاظِرِ، وَإِلَى طَبَسَ، وَسَارُوا، وَتَسَلَّمَ السُّلْطَانُ الْقَلْعَةَ وَخَرَّبَهَا.
ثُمَّ إِنَّ الَّذِينَ سَارُوا إِلَى قَلْعَةِ النَّاظِرِ وَطَبَسَ وَصَلَ مِنْهُمْ مَنْ أَخْبَرَ ابْنَ عَطَّاشٍ بِوُصُولِهِمْ، فَلَمْ يُسَلِّمِ السِّنَّ الَّذِي بَقِيَ بِيَدِهِ، وَرَأَى السُّلْطَانُ مِنْهُ الْغَدْرَ، وَالْعَوْدَ عَنِ الَّذِي قَرَّرَهُ، فَأَمَرَ بِالزَّحْفِ إِلَيْهِ، فَزَحَفَ النَّاسُ عَامَّةً ثَانِيَ ذِي الْقَعْدَةِ، وَكَانَ قَدْ قَلَّ عِنْدَهُ مَنْ يَمْنَعُ وَيُقَاتِلُ، فَظَهَرَ مِنْهُمْ صَبْرٌ عَظِيمٌ، وَشُجَاعَةٌ زَائِدَةٌ، وَكَانَ قَدِ اسْتَأْمَنَ إِلَى السُّلْطَانِ إِنْسَانٌ مِنْ أَعْيَانِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي أَدُلُّكُمْ عَلَى عَوْرَةٍ لَهُمْ، فَأَتَى بِهِمْ إِلَى جَانِبٍ لِذَلِكَ السِّنِّ لَهُمْ لَا يُرَامُ، فَقَالَ لَهُمْ: اصْعَدُوا مِنْ هَاهُنَا، فَقِيلَ إِنَّهُمْ قَدْ ضَبَطُوا هَذَا الْمَكَانَ وَشَحَنُوهُ بِالرِّجَالِ، فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي تَرَوْنَ أَسْلِحَةٌ وَكُزَاغَنْدَاتٌ قَدْ جَعَلُوهَا كَهَيْئَةِ الرِّجَالِ لِقِلَّتِهِمْ عِنْدَهُمْ.
وَكَانَ جَمِيعُ مَنْ بَقِيَ ثَمَانِينَ رَجُلًا، فَزَحَفَ النَّاسُ مِنْ هُنَاكَ، فَصَعِدُوا مِنْهُ وَمَلَكُوا الْمَوْضِعَ، وَقُتِلَ أَكْثَرُ الْبَاطِنِيَّةِ، وَاخْتَلَطَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَعَ مَنْ دَخَلَ، فَخَرَجُوا مَعَهُمْ، وَأَمَّا ابْنُ عَطَّاشٍ فَإِنَّهُ أُخِذَ أَسِيرًا، فَتُرِكَ أُسْبُوعًا، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَشُهِّرَ فِي جَمِيعِ الْبَلَدِ، وَسُلِخَ جِلْدُهُ، فَتَجَلَّدَ حَتَّى مَاتَ، وَحُشِيَ جِلْدُهُ تِبْنًا، وَقُتِلَ وَلَدُهُ، وَحُمِلَ رَأْسَاهُمَا إِلَى بَغْدَاذَ، وَأَلْقَتْ زَوْجَتُهُ نَفْسَهَا مِنْ رَأْسِ الْقَلْعَةِ فَهَلَكَتْ، وَكَانَ مَعَهَا جَوَاهِرُ نَفِيسَةٌ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهَا، فَهَلَكَتْ أَيْضًا وَضَاعَتْ، وَكَانَتْ مُدَّةُ الْبَلْوَى بِابْنِ عَطَّاشٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً.
ذِكْرُ الْخُلْفِ بَيْنَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ صَدَقَةَ وَمُهَذَّبِ الدَّوْلَةِ صَاحِبِ الْبَطِيحَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اخْتَلَفَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ صَدَقَةُ بْنُ مَزْيَدٍ، وَمُهَذَّبُ الدَّوْلَةِ السَّعِيدُ بْنُ أَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute