مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ فَقَصَدُوا جَامِعَ السُّلْطَانِ، وَاسْتَغَاثُوا، وَمُنِعُوا مِنَ الصَّلَاةِ، وَكَسَرُوا الْمِنْبَرَ، فَوَعَدَهُمُ السُّلْطَانُ بِإِنْفَاذِ الْعَسَاكِرِ لِلْجِهَادِ، وَسَيَّرَ مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ مِنْبَرًا إِلَى جَامِعِ السُّلْطَانِ. فَلَمَّا كَانَ الْجُمُعَةُ الثَّانِيَةُ قَصَدُوا جَامِعَ الْقَصْرِ بِدَارِ الْخِلَافَةِ، وَمَعَهُمْ أَهْلُ بَغْدَاذَ، فَمَنَعَهُمْ حَاجِبُ الْبَابِ مِنَ الدُّخُولِ، فَغَلَبُوهُ عَلَى ذَلِكَ، وَدَخَلُوا الْجَامِعَ، وَكَسَرُوا شُبَّاكَ الْمَقْصُورَةِ، وَهَجَمُوا عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَسَرُوهُ، وَبَطَلَتِ الْجُمُعَةُ أَيْضًا، فَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ إِلَى السُّلْطَانِ فِي الْمَعْنَى يَأْمُرُهُ بِالِاهْتِمَامِ بِهَذَا الْفَتْقِ وَرَتْقِهِ، فَتَقَدَّمَ حِينَئِذٍ إِلَى مَنْ مَعَهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ بِالْمَسِيرِ إِلَى بِلَادِهِمْ، وَالتَّجَهُّزِ لِلْجِهَادِ، وَسَيَّرَ وَلَدَهُ الْمَلِكُ مَسْعُودًا مَعَ الْأَمِيرِ مَوْدُودٍ، صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، وَتَقَدَّمُوا إِلَى الْمَوْصِلِ لِيَلْحَقَ بِهِمُ الْأُمَرَاءُ وَيَسِيرُوا إِلَى قِتَالِ الْفِرِنْجِ، وَانْقَضَتِ السَّنَةُ، وَسَارُوا فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَكَانَ مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عُزِلَ نِظَامُ الْمُلْكِ أَحْمَدُ مِنْ وِزَارَةِ السُّلْطَانِ، وَوَزَرَ بَعْدَهُ الْخَطِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَيْبُذِيُّ.
وَفِيهَا وَرَدَ رَسُولُ مَلِكِ الرُّومِ إِلَى السُّلْطَانِ يَسْتَنْفِرُهُ عَلَى الْفِرِنْجِ، وَيَحُثُّهُ عَلَى قِتَالِهِمْ وَدَفْعِهِمْ عَنِ الْبِلَادِ، وَكَانَ وُصُولُهُ قَبْلَ وُصُولِ أَهْلِ حَلَبَ، وَكَانَ أَهْلُ حَلَبَ يَقُولُونَ لِلسُّلْطَانِ: أَمَا تَتَّقِي اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ مَلِكُ الرُّومِ أَكْثَرَ حَمِيَّةً مِنْكَ لِلْإِسْلَامِ، حَتَّى قَدْ أَرْسَلَ إِلَيْكَ فِي جِهَادِهِمْ!
وَفِيهَا، فِي رَمَضَانَ، زُفَّتِ ابْنَةُ السُّلْطَانِ مُلْكِشَاهْ إِلَى الْخَلِيفَةِ، وَزُيَّنَتْ بَغْدَاذُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute