وَلَمَّا قُتِلَ تَسَلَّمَ تَمِيرُكَ، صَاحِبُ سِنْجَارَ، مَا مَعَهُ مِنَ الْخَزَائِنِ وَالسِّلَاحِ وَحَمَلَهَا إِلَى السُّلْطَانِ، وَدُفِنَ مَوْدُودٌ بِدِمَشْقَ فِي تُرْبَةِ دِقَاقٍ صَاحَبَهَا، وَحُمِلَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى بَغْدَاذَ، فَدُفِنَ فِي جِوَارِ أَبِي حَنِيفَةَ، ثُمَّ حُمِلَ إِلَى أَصْبَهَانَ.
ذِكْرُ الْخُلْفِ بَيْنَ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ وَمُحَمَّدْ خَانْ وَالصُّلْحِ بَيْنَهُمَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَثُرَ الْحَدِيثُ عَنْ سَنْجَرَ: أَنَّ مُحَمَّدْ خَانَ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ قَدْ مَدَّ يَدَهُ إِلَى أَمْوَالِ الرَّعَايَا، وَظَلَمَهُمْ ظُلْمًا كَثِيرًا، وَأَنَّهُ خَرَّبَ الْبِلَادَ بِظُلْمِهِ وَشَرِّهِ، وَأَنَّهُ قَدْ صَارَ يَسْتَخِفُّ بِأَوَامِرِ سَنْجَرَ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا، فَتَجَهَّزَ سَنْجَرُ وَجَمَعَ عَسَاكِرَهُ وَسَارَ يُرِيدُ قَصْدَهُ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، فَخَافَ مُحَمَّدْ خَانْ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْأَمِيرِ قُمَاجَ، وَهُوَ أَكْبَرُ أَمِيرٍ مَعَ سَنْجَرَ، يَسْأَلُهُ أَنْ يُصْلِحَ الْحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَنْجَرَ، وَأَرْسَلَ أَيْضًا إِلَى خُوَارَزْمِشَاهْ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَسَأَلَهُمَا فِي إِرْضَاءِ السُّلْطَانِ عَنْهُ، وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ أَخْطَأَ، فَأَجَابَ سَنْجَرُ إِلَى صُلْحِهِ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَهُ وَيَطَأَ بِسَاطَهُ، فَأَرْسَلَ مُحَمَّدْ خَانْ يَذْكُرُ خَوْفَهُ لِسُوءِ صَنِيعِهِ، وَلَكِنَّهُ يَحْضُرُ الْخِدْمَةَ، وَيَخْدِمُ السُّلْطَانَ، وَبَيْنَهُمَا نَهْرُ جَيْحُونَ، ثُمَّ يُعَاوِدُ بَعْدَ ذَلِكَ الْحُضُورَ عِنْدَهُ، وَالدُّخُولَ إِلَيْهِ، فَحَسَّنُوا الْإِجَابَةَ إِلَى ذَلِكَ، وَالِاشْتِغَالَ بِغَيْرِهِ، فَامْتَنَعَ، ثُمَّ أَجَابَ.
وَكَانَ سَنْجَرُ عَلَى شَاطِئِ جَيْحُونَ مِنَ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، وَجَاءَ مُحَمَّدْ خَانْ إِلَى الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، فَتَرَجَّلَ وَقَبَّلَ الْأَرْضَ وَسَنْجَرُ رَاكِبٌ، وَعَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى خِيَامِهِ، وَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَسَكَنَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَهُمَا.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ قَفَلٌ عَظِيمٌ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى مِصْرَ، فَأَتَى الْخَبَرُ إِلَى بَغْدُوِينَ مَلِكِ الْفِرِنْجِ، فَسَارَ إِلَيْهِ، وَعَارَضَهُ فِي الْبَرِّ، فَأَخَذَهُمْ أَجْمَعِينَ، وَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَمَنْ سَلِمَ أَخَذَهُ الْعَرَبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute