[الْوَفَيَاتُ]
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ الْوَزِيرُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَهِيرٍ، وَزِيرُ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ، وَوَزَرَ بَعْدَهُ الرَّبِيبُ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ الْوَزِيرِ أَبِي شُجَاعٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ وَزِيرِ السُّلْطَانِ.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْمَلِكُ رِضْوَانُ مُحَمَّدٌ تَاجُ الدَّوْلَةِ تُتُشُ بْنُ أَلْب أَرْسِلَانَ، صَاحِبُ حَلَبَ، وَقَامَ بَعْدَهُ بِحَلَبَ ابْنُهُ أَلْب أَرْسِلَانَ الْأَخْرَسُ، وَعُمُرُهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَتْ أُمُورُ رِضْوَانَ غَيْرَ مَحْمُودَةٍ: قَتَلَ أَخَوَيْهِ أَبَا طَالِبٍ وَبُهْرَامَ، وَكَانَ يَسْتَعِينُ بِالْبَاطِنِيَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أُمُورِهِ لِقِلَّةِ دِينِهِ، وَلَمَّا مَلَكَ الْأَخْرَسُ اسْتَوْلَى عَلَى الْأُمُورِ لُؤْلُؤٌ الْخَادِمُ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْأَخْرَسِ مَعَهُ إِلَّا اسْمُ السَّلْطَنَةِ، وَمَعْنَاهُ لِلُؤْلُؤٍ، وَلَمْ يَكُنْ أَلْب أَرْسِلَانَ أَخْرَسَ، وَإِنَّمَا فِي لِسَانِهِ حُبْسَةٌ وَتَمْتَمَةٌ، وَأُمُّهُ بِنْتُ بَاغِي سِيَّانَ الَّذِي كَانَ صَاحِبَ أَنْطَاكِيَةَ، وَقَتَلَ الْأَخْرَسُ أَخَوَيْنِ لَهُ أَحَدُهُمَا اسْمُهُ مُلْكِشَاهْ، وَهُوَ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَاسْمُ الْآخَرِ مُبَارَكْشَاهْ، وَهُوَ مِنْ أَبِيهِ، وَكَانَ أَبُوهُ فَعَلَ مِثْلَهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قُتِلَ وَلَدَاهُ، مُكَافَأَةً لِمَا اعْتَمَدَهُ مَعَ أَخَوَيْهِ.
وَكَانَ الْبَاطِنِيَّةُ قَدْ كَثُرُوا بِحَلَبَ فِي أَيَّامِهِ، حَتَّى خَافَهُمُ ابْنُ بَدِيعٍ رَئِيسُهَا، وَأَعْيَانُ أَهْلِهَا، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قَالَ ابْنُ بَدِيعٍ لِأَلْب أَرْسِلَانَ فِي قَتْلِهِمْ وَالْإِيقَاعِ بِهِمْ، فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَبَضَ عَلَى مُقَدَّمِهِمْ أَبِي طَاهِرٍ الصَّائِغِ، وَعَلَى جَمِيعِ أَصْحَابِهِ، فَقَتَلَ أَبَا طَاهِرٍ وَجَمَاعَةً مِنْ أَعْيَانِهِمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَ الْبَاقِينَ وَأَطْلَقَهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَصَدَ الْفِرِنْجَ، وَتَفَرَّقُوا فِي الْبِلَادِ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ بِبَغْدَاذَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَدْرَانَ الْحُلْوَانِيُّ الزَّاهِدُ، مُنْتَصَفَ جُمَادَى الْأُولَى، رَوَى الْحَدِيثَ عَنِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيِّ، وَأَبِي طَالِبٍ الْعُشَارِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَرَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَمِنْ آخِرِهِمْ أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الطُّوسِيِّ، خَطِيبُ الْمَوْصِلِ.
وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ الْإِمَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute