ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ حَلَبَ خَافُوا مِنَ الْفِرِنْجِ، فَسَلَّمُوا الْبَلَدَ إِلَى نَجْمِ الدِّينِ إِيلْغَازِي، فَلَمَّا تَسَلَّمَهُ لَمْ يَجِدْ فِيهِ مَالًا، وَلَا ذَخِيرَةً، لِأَنَّ الْخَادِمَ كَانَ قَدْ فَرَّقَ الْجَمِيعَ، وَكَانَ الْمَلِكُ رِضْوَانُ قَدْ جَمَعَ فَأَكْثَرَ، فَرَزَقَهُ اللَّهُ غَيْرَ أَوْلَادِهِ، فَلَمَّا رَأَى إِيلْغَازِي خُلُوَّ الْبَلَدِ مِنَ الْأَمْوَالِ صَادَرَ جَمَاعَةً مِنَ الْخَدَمِ بِمَالٍ صَانَعَ بِهِ الْفِرِنْجَ، وَهَادَنَهُمْ مُدَّةً يَسِيرَةً تَكُونُ بِمِقْدَارِ مَسِيرِهِ إِلَى مَارِدِينَ، وَجَمْعِ الْعَسَاكِرِ وَالْعَوْدِ، فَلَمَّا تَمَّتِ الْهُدْنَةُ سَارَ إِلَى مَارِدِينَ، عَلَى هَذَا الْعَزْمِ، وَاسْتَخْلَفَ بِحَلَبَ ابْنَهُ حُسَامَ الدِّينِ تَمَرْتَاشَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ، انْخَسَفَ الْقَمَرُ انْخِسَافًا كُلِّيًّا.
وَفِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ هَجَمَ الْفِرِنْجُ عَلَى رَبْضِ حُمَاةَ مِنَ الشَّامِ، وَقَتَلُوا مِنْ أَهْلِهَا مَا يَزِيدُ عَلَى مِائَةِ رَجُلٍ وَعَادُوا.
وَفِيهَا، فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، كَانَتْ زَلْزَلَةٌ بِالْعِرَاقِ، وَالْجَزِيرَةِ، وَكَثِيرٍ مِنَ الْبِلَادِ وَخَرِبَتْ بِبَغْدَاذَ دُورٌ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا مَاتَ أَحْمَدُ الْعَرَبِيُّ بِبَغْدَاذَ، وَكَانَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، لَهُ كَرَامَاتٌ وَقَبْرُهُ يُزَارُ بِهَا.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَوَّالٍ، تُوُفِّيَ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَبْهَانَ الْكَاتِبُ، وَعُمُرُهُ مِائَةُ سَنَةٍ، وَكَانَ عَالِيَ الْإِسْنَادِ، رَوَى عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ وَغَيْرِهِ، وَالْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ أَبُو عَبْدُ اللَّهِ الشَّقَّاقُ الْفَرَضِيُّ، الْحَاسِبُ، وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute