للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، فَفَعَلَ، فَلَمَّا صَلَّى جَعَلَ يَرْتَعِدُ، وَقَالَ لِلسَّيَّافِ: سَيْفِي أَجْوَدُ مِنْ سَيْفِكَ، فَاقْتُلْنِي بِهِ وَلَا تُعَذِّبْنِي، فَقُتِلَ ثَانِيَ جُمَادَى الْآخِرَةِ.

فَلَمَّا سَمِعَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَرْشِدُ بِاللَّهِ ذَلِكَ عَزَلَ أَخَاهُ نِظَامَ الدِّينِ أَحْمَدَ مِنْ وِزَارَتِهِ، وَأَعَادَ جَلَالَ الدِّينِ أَبَا عَلِيِّ بْنِ صَدَقَةَ إِلَى الْوِزَارَةِ، وَأَقَامَ نِظَامَ الدِّينِ بِالْمُثَمَّنَةِ الَّتِي فِي الْمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَاذَ.

وَأَمَّا الْعَزِيزُ الْمُسْتَوْفِي فَإِنَّهُ لَمْ تَطُلْ أَيَّامُهُ حَتَّى قُتِلَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، جَزَاءً لِسَعْيِهِ فِي قَتْلِ الْوَزِيرِ.

ذِكْرِ ظَفَرِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ بِالْكُرْجِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ اشْتَدَّتْ نِكَايَةُ الْكُرْجِ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ، وَعَظُمَ الْأَمْرُ عَلَى النَّاسِ، لَا سِيَّمَا أَهْلُ دَرْبَنْدَ شِرْوَانَ، فَسَارَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ أَعْيَانِهِمْ إِلَى السُّلْطَانِ وَشَكَوْا إِلَيْهِ مَا يَلْقَوْنَ مِنْهُمْ، وَأَعْلَمُوهُ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الضَّعْفِ وَالْعَجْزِ عَنْ حِفْظِ بِلَادِهِمْ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ وَالْكُرْجُ قَدْ وَصَلُوا إِلَى شَمَاخِي، فَنَزَلَ السُّلْطَانُ فِي بُسْتَانٍ هُنَاكَ، وَتَقَدَّمَ الْكُرْجُ إِلَيْهِ، فَخَافَهُمُ الْعَسْكَرُ خَوْفًا شَدِيدًا.

وَأَشَارَ الْوَزِيرُ شَمَّسُ الْمُلْكِ عُثْمَانُ بْنُ نِظَامِ الْمُلْكِ عَلَى السُّلْطَانِ بِالْعَوْدِ مِنْ هُنَاكَ، فَلَمَّا سَمِعَ أَهْلُ شِرْوَانَ بِذَلِكَ قَصَدُوا السُّلْطَانَ وَقَالُوا لَهُ: نَحْنُ نُقَاتِلُ مَا دُمْتَ عِنْدَنَا، وَإِنْ تَأَخَّرْتَ عَنَّا ضَعُفَتْ نُفُوسُ الْمُسْلِمِينَ وَهَلَكُوا، فَقَبِلَ قَوْلَهُمْ، وَأَقَامَ بِمَكَانِهِ.

وَبَاتَ الْعَسْكَرُ عَلَى وَجَلٍ عَظِيمٍ، وَهُمْ بِنِيَّةِ الْمَصَافِّ، فَأَتَاهُمُ اللَّهُ بِفَرَجٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَلْقَى بَيْنَ الْكُرْجِ وَقُفْجَاقَ اخْتِلَافًا وَعَدَاوَةً، فَاقْتَتَلُوا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَرَحَلُوا شِبْهَ الْمُنْهَزِمِينَ، وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ، وَأَقَامَ السُّلْطَانُ بِشِرْوَانَ مُدَّةً، ثُمَّ عَادَ إِلَى هَمَذَانَ فَوَصَلَهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ.

ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ الْمَغَارِبَةِ وَعَسْكَرِ مِصْرَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَصَلَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ لَوَاتَةَ مِنَ الْغَرْبِ إِلَى دِيَارِ مِصْرَ، فَأَفْسَدُوا فِيهَا وَنَهَبُوهَا، وَعَمِلُوا أَعْمَالًا شَنِيعَةً، فَجَمَعَ الْمَأْمُونُ بْنُ الْبَطَائِحِيِّ، الَّذِي وَزَرَ بِمِصْرَ بَعْدَ الْأَفْضَلِ، عَسْكَرَ مِصْرَ، وَسَارَ إِلَيْهِمْ فَقَاتَلَهُمْ فَهَزَمَهُمْ، وَأَسَرَ مِنْهُمْ وَقَتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا، وَقَرَّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>