للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَنْكِي، وَدُبَيْسِ بْنِ صَدَقَةَ إِلَى قُرَيْبِ بَغْدَاذَ، فَأَمَّا دُبَيْسٌ فَإِنَّهُ ذُكِرَ أَنَّ السُّلْطَانَ سَنْجَرَ أَقْطَعَهُ الْحِلَّةَ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْمُسْتَرْشِدِ بِاللَّهِ يَضْرَعُ، وَيَسْأَلُ الرِّضَا عَنْهُ، فَامْتَنَعَ مِنْ إِجَابَتِهِ إِلَى ذَلِكَ.

وَأَمَّا عِمَادُ الدِّينِ زَنْكِي فَإِنَّهُ ذُكِرَ أَنَّ السُّلْطَانَ سَنْجَرَ قَدْ أَعْطَاهُ شِحْنَكِيَّةِ بَغْدَاذَ، فَعَادَ الْمُسْتَرْشِدُ بِاللَّهِ إِلَى بَغْدَاذَ، وَأَمَرَ أَهْلَهَا بِالِاسْتِعْدَادِ لِلْمُدَافِعَةِ عَنْهَا، وَجَنَّدَ أَجْنَادًا جَعَلَهُمْ مَعَهُمْ.

ثُمَّ إِنَّ السُّلْطَانَ مَسْعُودًا وَصَلَ إِلَى دَادْمَرْجَ، فَلَقِيَهُمْ طَلَائِعُ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ فَتَأَخَّرَ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ إِلَى كَرْمَانْشَاهَانَ، وَنَزَلَ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ فِي أَسَدَابَاذَ فِي مِائَةِ أَلْفِ فَارِسٍ، فَسَارَ مَسْعُودٌ وَأَخُوهُ سَلْجُوقْشَاهْ إِلَى جَبَلَيْنِ يُقَالُ لَهُمَا: كَاوٍ، وَمَاهِي، فَنَزَلَا بَيْنَهُمَا، وَنَزَلَ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ كِنْكَوْرَ، فَلَمَّا سَمِعَ بِانْحِرَافِهِمْ أَسْرَعَ فِي طَلَبِهِمْ، فَرَجَعُوا إِلَى وَرَائِهِمْ مَسِيرَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَالْتَقَى الْعَسْكَرَانِ بِعَوْلَانَ، عِنْدَ الدِّينَوَرِ، وَكَانَ مَسْعُودٌ يُدَافِعُ الْحَرْبَ انْتِظَارًا لِقُدُومِ الْمُسْتَرْشِدِ، فَلَمَّا نَازَلَهُ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنَ الْمَصَافِّ، وَجَعَلَ سَنْجَرُ عَلَى مَيْمَنَتِهِ طُغْرُلَ ابْنَ أَخِيهِ مُحَمَّدٍ وَقَمَاجَ وَأَمِيرَ أَمِيرَانَ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ خُوَارَزْمُ شَاهْ أَتْسَزَ بْنَ مُحَمَّدٍ مَعَ جَمْعٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ، وَجَعَلَ مَسْعُودٌ عَلَى مَيْمَنَتِهِ قُرَاجَةَ السَّاقِي وَالْأَمِيرَ قَزَلَ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ يَرَنْقَشُ بَازْدَارْ وَيُوسُفُ جَاوُوشُ، وَغَيْرُهُمَا، وَكَانَ قَزَلُ قَدْ وَاطَأَ سَنْجَرَ عَلَى الِانْهِزَامِ.

وَوَقَعَتِ الْحَرْبُ وَقَامَتْ عَلَى سَاقٍ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، فَحَمَلَ قُرَاجَةُ السَّاقِي عَلَى الْقَلْبِ وَفِيهِ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ فِي عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ مِنْ شُجْعَانِ الْعَسْكَرِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْفِيَلَةُ، فَلَمَّا حَمَلَ قُرَاجَةُ عَلَى الْقَلْبِ رَجَعَ الْمَلِكُ طُغْرُلُ وَخُوَارِزْمُ شَاهْ إِلَى وَرَاءِ ظَهْرِهِ، فَصَارَ قُرَاجَةُ فِي الْوَسَطِ فَقَاتَلَ إِلَى أَنْ جُرِحَ عِدَّةَ جِرَاحَاتٍ، وَقُتِلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأُخِذَ هُوَ أَسِيرًا وَبِهِ جِرَاحَاتٌ كَثِيرَةٌ، فَلَمَّا رَأَى السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ ذَلِكَ انْهَزَمَ وَسَلِمَ مِنَ الْمَعْرَكَةِ، وَقُتِلَ يُوسُفُ جَاوُوشُ، وَحُسَيْنُ أَزْبِكُ، وَهُمَا مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ، وَكَانَتِ الْوَقْعَةُ ثَامِنَ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.

فَلَمَّا تَمَّتِ الْهَزِيمَةُ عَلَى مَسْعُودٍ نَزَلَ سَنْجَرُ، وَأَحْضَرَ قُرَاجَةَ، فَلَمَّا حَضَرَ قُرَاجَةُ سَبَّهُ وَقَالَ لَهُ:

يَا مُفْسِدُ أَيَّ شَيْءٍ تَرْجُو بِقِتَالِي؟ قَالَ:

كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أَقْتُلَكَ وَأُقِيمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>