للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ حَالِ دُبَيْسٍ بَعْدَ الْهَزِيمَةِ

وَفِيهَا عَادَ دُبَيْسٌ بَعْدَ انْهِزَامِهِ الْمَذْكُورِ يَلُوذُ بِبِلَادِ الْحِلَّةِ وَتِلْكَ النَّوَاحِي، وَجَمَعَ جَمْعًا، وَكَانَتْ تِلْكَ الْوِلَايَةُ بِيَدِ إِقْبَالٍ الْمُسْتَرْشِدِيِّ، فَأُمِدَّ بِعَسْكَرٍ مِنْ بَغْدَاذَ، فَالْتَقَى هُوَ وَدُبَيْسٌ فَانْهَزَمَ دُبَيْسٌ وَاخْتَفَى فِي أَجَمَةٍ هُنَاكَ، وَبَقِيَ ثَلَاثَةً لَمْ يَطْعَمْ شَيْئًا، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْهَا، حَتَّى أَخْرَجَهُ جَمَّاسٌ عَلَى ظَهْرِهِ.

ثُمَّ جَمَعَ وَقَصَدَ وَاسِطَ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِ عَسْكَرُهَا، وَبُخْتِيَارُ، وَشَاقُّ، وَابْنُ أَبِي الْجَبْرِ، لَمْ يَزَلْ فِيهَا إِلَى أَنْ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ [وَخَمْسِمَائَةٍ] ، فَنَفَذَ إِلَيْهِمْ يَرَنْقَشُ بَازْدَارُ وَإِقْبَالٌ الْخَادِمُ الْمُسْتَرْشِدِيُّ فِي عَسْكَرٍ، فَاقْتَتَلُوا فِي الْمَاءِ وَالْبَرِّ، فَانْهَزَمَ الْوَاسِطِيُّونَ وَدُبَيْسٌ، وَأُسِرَ بُخْتِيَارُ، وَشَاقُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ.

ذِكْرُ وَفَاةِ تَاجِ الْمُلُوكِ صَاحِبِ دِمَشْقَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَجَبٍ، تُوُفِّيَ تَاجُ الْمُلُوكِ بُورِي بْنُ طُغْتِكِينَ، صَاحِبُ دِمَشْقَ، وَسَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّ الْجُرْحَ الَّذِي كَانَ بِهِ مِنَ الْبَاطِنِيَّةِ - وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ - اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْآنَ وَأَضْعَفَهُ، وَأَسْقَطَ قُوَّتَهُ، فَتُوُفِّيَ فِي الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ، وَوَصَّى بِالْمُلْكِ بَعْدَهُ لِوَلَدِهِ شَمْسِ الْمُلُوكِ إِسْمَاعِيلَ، وَوَصَّى بِمَدِينَةِ بَعْلَبَكَّ وَأَعْمَالِهَا لِوَلَدِهِ شَمْسِ الدَّوْلَةِ مُحَمَّدٍ.

وَكَانَ بُورِي كَثِيرَ الْجِهَادِ، شُجَاعًا مِقْدَامًا، سَدَّ مَسَدَّ أَبِيهِ وَفَاقَ عَلَيْهِ، وَكَانَ مُمَدَّحًا، أَكْثَرَ الشُّعَرَاءُ مَدَائِحَهُ لَاسِيَّمَا ابْنُ الْخَيَّاطِ، وَمَلَكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ شَمْسُ الْمُلُوكِ، وَقَامَ بِتَدْبِيرِ الْأَمْرِ بَيْنَ يَدَيْهِ الْحَاجِبُ يُوسُفُ بْنُ فَيْرُوزَ شِحْنَةُ دِمَشْقَ، وَهُوَ حَاجِبُ أَبِيهِ، اعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَابْتَدَأَ أَمْرَهُ بِالرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، فَكَثُرَ الدُّعَاءُ لَهُ وَالْقُصَّادُ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>