للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَزَلُ آخُرَ، وَسُنْقُرُ الْخُمَارْتَكِينُ وَالِي هَمَذَانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ طَغَايَرَكَ، وَغَيْرُهُمْ، خَائِفِينَ مِنْهُ مُسْتَوْحِشِينَ، وَمَعَهُمْ عَدَدٌ كَثِيرٌ، وَانْضَافَ إِلَيْهِمْ دُبَيْسُ بْنُ صَدَقَةَ.

وَأَرْسَلُوا إِلَى الْخَلِيفَةِ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الْأَمَانَ لِيَحَضُرُوا خِدْمَتَهُ، فَقِيلَ: إِنَّهَا مَكِيدَةٌ لِأَنَّ دُبَيْسًا مَعَهُمْ، وَسَارُوا نَحْوَ خُوزِسْتَانَ، وَاتَّفَقُوا مَعَ بُرْسُقَ بْنِ بُرْسُقَ، فَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ إِلَيْهِمْ سَدِيدَ الدَّوْلَةِ بْنَ الْأَنْبَارِيِّ بِتَوْقِيعَاتٍ إِلَى الْأُمَرَاءِ الْمَذْكُورِينَ بِتَطْيِيبِ نُفُوسِهِمْ، وَالْأَمْرِ بِحُضُورِهِمْ.

وَكَانَ الْأُمَرَاءُ الْمَذْكُورُونَ قَدْ عَزَمُوا عَلَى قَبْضِ دُبَيْسٍ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَى الْخَلِيفَةِ بِحَمْلِهِ إِلَيْهِ، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَهَرَبَ إِلَى السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ.

وَسَارَ الْأُمَرَاءُ إِلَى بَغْدَادَ فِي رَجَبٍ، فَأَكْرَمَهُمُ الْخَلِيفَةُ، وَحَمَلَ إِلَيْهِمِ الْإِقَامَاتِ وَالْخِلَعِ، وَقُطِعَتْ خُطَبُ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ مِنْ بَغْدَادَ، وَبَرَزَ الْخَلِيفَةُ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ عَلَى عَزْمِ الْمَسِيرِ إِلَى قِتَالِ مَسْعُودٍ، وَأَقَامَ فِي الشَّفِيعِيِّ، فَعَصَى عَلَيْهِ بَكْبَهُ صَاحِبُ الْبَصْرَةِ فَهَرَبَ إِلَيْهَا، فَرَاسَلَهُ وَبَذَلَ لَهُ الْأَمَانَ فَلَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ.

وَتَرَيَّثَ الْخَلِيفَةُ عَنِ الْمَسِيرِ، وَهَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءُ يُحَسِّنُونَ لَهُ الرَّحِيلَ، وَيُسَهِّلُونَ عَلَيْهِ الْأَمْرَ، وَيُضَعِّفُونَ عِنْدَهُ أَمْرَ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ، فَسَيَّرَ مُقَدِّمَتَهُ إِلَى حُلْوَانَ فَنَهَبُوا الْبِلَادَ وَأَفْسَدُوا، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ شَيْئًا، ثُمَّ سَارَ الْخَلِيفَةُ ثَامِنَ شَعْبَانَ، وَلَحِقَ بِهِ فِي الطَّرِيقِ الْأَمِيرُ بُرْسُقُ بْنُ بُرْسُقَ فَبَلَغَتْ عِدَّتُهُمْ سَبْعَةَ آلَافِ فَارِسٍ، وَتَخَلَّفَ بِالْعِرَاقِ مَعَ إِقْبَالٍ خَادِمِ الْمُسْتَرْشِدِ بِاللَّهِ ثَلَاثَةُ آلَافِ فَارِسٍ.

وَكَانَ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ بِهَمَذَانَ فِي نَحْوِ أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ، وَكَانَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الْأَطْرَافِ يُكَاتِبُونَ الْخَلِيفَةَ، وَيَبْذُلُونَ لَهُ الطَّاعَةَ، فَتَرَيَّثَ فِي طَرِيقِهِ، فَاسْتَصْلَحَ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ أَكْثَرَهُمْ حَتَّى صَارُوا فِي نَحْوِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَتَسَلَّلَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ عَسْكَرِ الْخَلِيفَةِ حَتَّى بَقِيَ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ، وَأَرْسَلَ أَتَابَكْ زَنْكِي نَجْدَةً فَلَمْ تَلْحَقْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>