للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ: سَبَبُ اللَّقَبِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يَلِيَ الْخِلَافَةَ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ وَهُوَ يَقُولُ لَهُ:

إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ يَصِيرُ إِلَيْكَ، فَاقْتَفِ بِي. فَلُقِّبَ بِذَلِكَ.

وَلَمَّا اسْتَخْلَفَ سُيِّرَتِ الْكُتُبُ الْحُكْمِيَّةُ بِخِلَافَتِهِ إِلَى سَائِرِ الْأَمْصَارِ، وَاسْتَوْزَرَ شَرَفَ الدِّينِ عَلِيَّ بْنَ طِرَادٍ الزَّيْنَبِيَّ فَأُرْسِلَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَأَحْضَرَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ أَبَا الْقَاسِمِ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ الزَّيْنَبِيَّ عَمَّ الْوَزِيرِ، وَأَعَادَهُ إِلَى مَنْصِبِهِ، وَقَرَّرَ كَمَالَ الدَّيْنِ حَمْزَةَ بْنَ طَلْحَةَ عَلَى مَنْصِبِهِ صَاحِبَ الْمَخْزَنِ، وَجَرَتِ الْأُمُورُ عَلَى أَحْسَنِ نِظَامٍ.

وَبَلَغَنِي أَنَّ السُّلْطَانَ مَسْعُودًا أَرْسَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَفِي لِأَمْرِ اللَّهِ فِي تَقْرِيرِ إِقْطَاعٍ يَكُونُ لِخَاصَّتِهِ، فَكَانَ جَوَابُهُ:

إِنَّ فِي الدَّارِ ثَمَانِينَ بَغْلًا تَنْقُلُ الْمَاءَ مِنْ دِجْلَةَ، فَلْيَنْظُرُ السُّلْطَانُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ شُرْبِ هَذَا الْمَاءِ وَيَقُومُ بِهِ، فَتَقَرَّرَتِ الْقَاعِدَةُ عَلَى أَنْ يُجْعَلَ لَهُ مَا كَانَ لِلْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ، فَأَجَابَ إِلَى ذَلِكَ.

وَقَالَ السُّلْطَانُ لَمَّا بَلَغَهُ قَوْلُهُ:

لَقَدْ جَعَلْنَا فِي الْخِلَافَةِ رَجُلًا عَظِيمًا نَسْأَلُ.

وَالْمُقْتَفِي عَمُّ الرَّاشِدِ هُوَ وَالْمُسْتَرْشِدُ ابْنَا الْمُسْتَظْهِرِ، وَلِيَا الْخِلَافَةَ، وَكَذَلِكَ السَّفَّاحُ وَالْمَنْصُورُ أَخَوَانِ، وَكَذَلِكَ الْمَهْدِيُّ وَالرَّشِيدُ أَخَوَانِ، وَكَذَلِكَ الْوَاثِقُ وَالْمُتَوَكِّلُ أَخَوَانِ، وَأَمَّا ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ وُلُّوا الْخِلَافَةَ فَالْأَمِينُ وَالْمَأْمُونُ وَالْمُعْتَصِمُ أَوْلَادُ الرَّشِيدِ، وَالْمُكْتَفِي وَالْمُقْتَدِرُ وَالْقَاهِرُ بَنُو الْمُعْتَضِدِ، وَالرَّاضِي وَالْمُتَّقِي وَالْمُطِيعُ بَنُو الْمُقْتَدِرِ، وَأَمَّا أَرْبَعَةُ إِخْوَةٍ وُلُّوهَا فَالْوَلِيدُ وَسُلَيْمَانُ وَيَزِيدُ وَهِشَامٌ بَنُو عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ لَا يُعْرَفُ غَيْرُهُمْ.

وَحِينَ اسْتَقَرَّتِ الْخِلَافَةُ لِلْمُقْتَفِي أَرْسَلَ إِلَيْهِ الرَّاشِدُ بِاللَّهِ رَسُولًا مِنَ الْمَوْصِلِ مَعَ رَسُولِ أَتَابَكْ زَنْكِي، فَأَمَّا رَسُولُ الرَّاشِدِ فَلَمْ تُسْمَعْ رِسَالَتُهُ، وَأَمَّا رَسُولُ أَتَابَكْ زَنْكِي

<<  <  ج: ص:  >  >>