للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْوَةً، وَنَهَبُوا مَا فِيهِ، وَقَتَلُوا الْمُقَاتِلَةَ، وَسَبَوُا الْحَرِيمَ وَالذَّرِّيَّةَ، وَأَسَرُوا الرِّجَالَ فَاشْتَرَوْا أَنْفُسَهُمْ بِمَالٍ جَلِيلٍ، وَعَادُوا إِلَى دِمَشْقَ سَالِمِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ذِكْرُ حِصَارِ زَنْكِي مَدِينَةَ حِمْصَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي شَعْبَانَ، سَارَ أَتَابَكْ زَنْكِي إِلَى مَدِينَةِ حِمْصَ، وَقَدِمَ إِلَيْهَا صَلَاحُ الدِّينِ مُحَمَّدُ الْيَاغِيسَايِنِيُّ، وَهُوَ أَكْبَرُ أَمِيرٍ مَعَهُ، وَكَانَ ذَا مَكْرٍ وَحِيَلٍ، أَرْسَلَهُ لِيَتَوَصَّلَ مَعَ مَنْ فِيهَا لِيُسَلِّمُوهَا إِلَيْهِ، فَوَصَلَ إِلَيْهَا وَفِيهَا مُعِينُ الدِّينِ أُنُزُ وَهُوَ الْوَالِي عَلَيْهَا وَالْحَاكِمُ فِيهَا، وَهُوَ أَيْضًا أَكْبَرُ أَمِيرٍ بِدِمَشْقَ وَحِمْصَ، أَقْطَاعُهُ كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ، فَلَمْ يَنْفُذْ فِيهِ مَكْرُهُ، فَوَصَلَ حِينَئِذٍ زَنْكِي إِلَيْهَا، وَحَصَرَهَا، وَعَاوَدَ مُرَاسَلَةَ أُنُزَ فِي التَّسْلِيمِ غَيْرَ مَرَّةٍ، تَارَةً بِالْوَعْدِ وَتَارَةً بِالْوَعِيدِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهَا مِلْكُ صَاحِبِهِ شِهَابِ الدِّينِ، وَأَنَّهَا بِيَدِهِ أَمَانَةٌ، وَلَا يُسَلِّمُهَا إِلَّا عَنْ غَلَبَةٍ، فَأَقَامَ عَلَيْهَا إِلَى الْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ وَرَحَلَ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ بُلُوغِ غَرَضٍ إِلَى بَعْرِينَ (فَحَصَرَهَا) وَكَانَ مِنْهُ وَمِنَ الْفِرِنْجِ مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ذِكْرُ مُلْكِ زَنْكِي قَلْعَةَ بَعْرِينَ وَهَزِيمَةِ الْفِرِنْجِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي شَوَّالٍ سَارَ أَتَابَكْ زَنْكِي مِنَ الْمَوْصِلِ إِلَى الشَّامِ، وَحَصَرَ قَلْعَةَ بَعْرِينَ، وَهِيَ تُقَارِبُ مَدِينَةَ حَمَاةَ، وَهِيَ مِنْ أَمْنَعِ مَعَاقِلِ الْفِرِنْجِ، وَأَحْصَنِهَا، فَلَمَّا نَزَلَ عَلَيْهَا قَاتَلَهَا وَزَحَفَ إِلَيْهَا، فَجَمَعَ الْفِرِنْجُ فَارِسَهُمْ وَرَاجِلَهُمْ، وَسَارُوا فِي قَضِّهِمْ وَقَضِيضِهِمْ وَمُلُوكِهِمْ وَقَمَامِصَتِهِمْ وَكُنُودِهِمْ إِلَى أَتَابَكْ زَنْكِي لِيُرَحِّلُوهُ عَنْ بَعْرِينَ، فَلَمْ يَرْحَلْ، وَصَبَرَ لَهُمْ إِلَى أَنْ وَصَلُوا إِلَيْهِ، فَلَقِيَهُمْ وَقَاتَلَهُمْ أَشَدَّ قِتَالٍ رَآهُ النَّاسُ، وَصَبَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>