ذِكْرُ قَتْلِ الرَّاشِدِ بِاللَّهِ لَمَّا وَصَلَ الرَّاشِدُ بِاللَّهِ إِلَى هَمَذَانَ وَبِهَا الْمَلِكُ دَاوُدُ وَبَوَازَبَةُ، وَمَنْ مَعَهُمَا مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْعَسَاكِرِ بَعْدَ انْهِزَامِ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ، وَتَفَرُّقِ الْعَسَاكِرِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، سَارَ الرَّاشِدُ بِاللَّهِ إِلَى خُوزِسْتَانَ مَعَ الْمَلِكِ دَاوُدَ، وَمَعَهُمَا خُوَارَزْمُ شَاهْ، فَقَارَبَا الْحُوَيْزَةَ، فَسَارَ مَسْعُودٌ إِلَى بَغْدَادَ لِيَمْنَعَهُمْ عَنِ الْعِرَاقِ، فَعَادَ الْمَلِكُ دَاوُدُ إِلَى فَارِسَ، وَعَادَ خُوَارَزْمُ شَاهْ إِلَى بِلَادِهِ، وَبَقِيَ الرَّاشِدُ وَحْدَهُ، فَلَمَّا أَيِسَ مِنْ عَسَاكِرِ الْعَجَمِ سَارَ إِلَى أَصْفَهَانَ.
فَلَمَّا كَانَ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ رَمَضَانَ وَثَبَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ الْخُرَاسَانِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا فِي خِدْمَتِهِ، فَقَتَلُوهُ وَهُوَ يُرِيدُ الْقَيْلُولَةَ، وَكَانَ فِي أَعْقَابِ مَرَضٍ وَقَدْ بَرِئَ مِنْهُ، وَدُفِنَ بِظَاهِرِ أَصْفَهَانَ بِشَهْرِسْتَانَ، فَرَكِبَ مَنْ مَعَهُ فَقَتَلُوا الْبَاطِنِيَّةَ.
وَلَمَّا وَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى بَغْدَادَ جَلَسُوا لِلْعَزَاءِ بِهِ فِي بَيْتِ النُّوبَةِ يَوْمًا وَاحِدًا، وَكَانَ أَبْيَضَ أَشْقَرَ حَسَنَ اللَّوْنِ مَلِيحَ الصُّورَةِ، مَهِيبًا شَدِيدَ الْقُوَّةِ وَالْبَطْشِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصُّولِيُّ:
النَّاسُ يَقُولُونَ إِنَّ كُلَّ سَادِسٍ يَقُومُ بِأَمْرِ النَّاسِ مِنْ أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُخْلَعَ، وَرُبَّمَا قُتِلَ، قَالَ:
فَتَأَمَّلْتُ ذَلِكَ، فَرَأَيْتُهُ كَمَا قِيلَ، فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَامَ بِأَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَالْحَسَنُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَخُلِعَ، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَيَزِيدُ ابْنُهُ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَمَرْوَانُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَخُلِعَ وَقُتِلَ، ثُمَّ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَخُوهُ سُلَيْمَانُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَيَزِيدُ وَهِشَامُ ابْنَا عَبْدِ الْمَلِكِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَخُلِعَ وَقُتِلَ، ثُمَّ لَمْ يَنْتَظِمْ أَمْرُ بَنِي أُمَيَّةَ، ثُمَّ وَلِيَ السَّفَّاحُ، وَالْمَنْصُورُ، وَالْمَهْدِيُّ، وَالْهَادِي، وَالرَّشِيدُ، وَالْأَمِينُ فَخُلِعَ وَقُتِلَ، وَالْمَأْمُونُ وَالْمُعْتَصِمُ، وَالْوَاثِقُ، وَالْمُتَوَكِّلُ، وَالْمُنْتَصِرُ، وَالْمُسْتَعِينُ فَخُلِعَ وَقُتِلَ، وَالْمُعْتَزُّ، وَالْمُهْتَدِي، وَالْمُعْتَمِدُ، وَالْمُعْتَضِدُ، وَالْمُكْتَفِي فَخُلِعَ ثُمَّ رُدَّ، ثُمَّ قُتِلَ، ثُمَّ الْقَاهِرُ، وَالرَّاضِي، وَالْمُتَّقِي، وَالْمُسْتَكْفِي، وَالْمُطِيعُ، وَالطَّائِعُ فَخُلِعَ، ثُمَّ الْقَادِرُ، وَالْقَائِمُ، وَالْمُقْتَدِي، وَالْمُسْتَظْهِرُ، وَالْمُسْتَرْشِدُ وَالرَّاشِدُ، فَخُلِعَ وَقُتِلَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute