وَزُهَّادِهَا، وَسَأَلُوهُ أَنْ لَا يَفْعَلُ بِأَهْلِ نَيْسَابُورَ مَا فَعَلَ بِأَهْلِ مَرْوَ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ لَكِنَّهُ اسْتَقْصَى فِي الْبَحْثِ عَنْ أَمْوَالِ أَصْحَابِ السُّلْطَانِ فَأَخَذَهَا، وَقَطَعَ خُطْبَةَ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ أَوَّلَ ذِي الْقَعْدَةِ، وَخَطَبُوا لَهُ، فَلَمَّا تَرَكَ الْخَطِيبُ ذِكْرَ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ، وَذَكَرَ خُوَارَزْمُ شَاهْ صَاحَ النَّاسُ وَثَارُوا، وَكَادَتِ الْفِتْنَةُ تَثُورُ وَالشَّرُّ يَعُودُ جَدِيدًا، وَإِنَّمَا مَنَعَ النَّاسَ مِنْ ذَلِكَ ذَوُو الرَّأْيِ وَالْعَقْلِ؛ نَظَرًا فِي الْعَاقِبَةِ، فَقُطِعَتْ إِلَى أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ، ثُمَّ أُعِيدَتْ خُطْبَةُ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ.
ثُمَّ سَيَّرَ خُوَارَزْمُ شَاهْ جَيْشًا إِلَى أَعْمَالِ بَيْهَقَ، فَأَقَامُوا بِهَا يُقَاتِلُونَ أَهْلَهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ سَارَ عَنْهَا ذَلِكَ الْجَيْشُ يَنْهَبُونَ الْبِلَادَ، وَعَمِلُوا بِخُرَاسَانَ أَعْمَالًا عَظِيمَةً، وَمَنَعَ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ مِنْ مُقَاتَلَةِ أُتْسِزَ خُوَارَزْمَ شَاهْ خَوْفًا مِنْ قُوَّةِ الْخِطَا بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَمُجَاوَرَتِهِمْ خُوَارَزْمَ وَغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ أَتَابَكْ زَنْكِي بْنُ آقَسُنْقُرَ مَدِينَةَ الْحَدِيثَةِ، وَنَقَلَ مَنْ كَانَ بِهَا مِنْ آلِ مِهْرَاشَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَرَتَّبَ أَصْحَابَهُ فِيهَا.
وَفِيهَا خُطِبَ لِزَنْكِي أَيْضًا بِمَدِينَةِ آمِدَ، وَصَارَ صَاحِبُهَا فِي طَاعَتِهِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِدَاوُدَ عَلَى قِتَالِ زَنْكِي، فَلَمَّا رَأَى قُوَّةَ زَنْكِي صَارَ مَعَهُ.
وَفِيهَا عُزِلَ مُجَاهِدُ الدِّينِ بَهْرُوزَ عَنْ شِحْنَكِيَّةِ بَغْدَادَ، وَوَلِيَهَا قَزَلُ أَمِيرٌ آخَرَ، وَهُوَ مِنْ مَمَالِيكِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، وَكَانَ لَهُ بُرُوجِرْدُ وَالْبَصْرَةُ، فَأُضِيفَ إِلَيْهِ شِحْنَكِيَّةُ بَغْدَادَ، ثُمَّ وَصَلَ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ إِلَى بَغْدَادَ، فَرَأَى مِنْ تَبَسُّطِ الْعَيَّارِينَ وَفَسَادِهِمْ مَا سَاءَهُ، فَأَعَادَ بَهْرُوزَ إِلَى الشِّحْنَكِيَّةِ، فَتَابَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَنْتَفِعِ النَّاسُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْوَزِيرِ وَأَخَا امْرَأَةِ السُّلْطَانِ كَانَا يُقَاسِمَانِ الْعَيَّارِينَ، فَلَمْ يَقْدِرْ بَهْرُوزُ عَلَى مَنْعِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute