الْقَلِيلُ، وَأَرْسَلَ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَالْأَسَارَى إِلَى أَخِيهِ سَيْفِ الدِّينِ وَإِلَى الْخَلِيفَةِ بِبَغْدَادَ وَإِلَى السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمْ.
وَفِي هَذِهِ الْوَقْعَةِ يَقُولُ ابْنُ الْقَيْسَرَانِيِّ فِي قَصِيدَتِهِ الَّتِي أَوَّلُهَا:
يَا لَيْتَ أَنَّ الصَّدَّ مَصْدُودُ ... أَوْ لَا، فَلَيْتَ النَّوْمَ مَرْدُودُ
وَمِنْهَا فِي ذِكْرِ نُورِ الدِّينِ:
وَكَيْفَ لَا نُثْنِي عَلَى عَيْشِنَا الْ ... مَحْمُودِ وَالسُّلْطَانُ مَحْمُودُ
وَصَارِمُ الْإِسْلَامِ لَا يَنْثَنِي ... إِلَّا وَشِلْوُ الْكُفْرِ مَقْدُودُ
مَكَارِمُ لَمْ تَكُ مَوْجُودَةً ... إِلَّا وَنُورُ الدِّينِ مَوْجُودُ
وَكَمْ لَهُ مِنْ وَقْعَةٍ يَوْمُهَا ... عِنْدَ الْمُلُوكِ الْكُفْرِ، مَشْهُودُ
ذِكْرُ مُلْكِ الْغُورِيَّةِ غَزْنَةَ وُعَوْدِهِمْ عَنْهَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَصَدَ سُورِي بْنُ الْحُسَيْنِ مَلِكُ الْغُورِ مَدِينَةَ غَزْنَةَ فَمَلَكَهَا.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَخَاهُ مَلِكَ الْغُورِيَّةِ [قَبْلَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ قَدْ صَاهَرَ بَهْرَامْ شَاهْ مَسْعُودَ بْنَ] إِبْرَاهِيمَ، صَاحِبَ غَزْنَةَ، وَهُوَ مِنْ بَيْتِ سُبُكْتِكِينَ، فَعَظُمَ شَأْنُهُ بِالْمُصَاهَرَةِ، وَعَلَتْ هِمَّتُهُ، فَجَمَعَ جُمُوعًا كَثِيرَةً وَسَارَ إِلَى غَزْنَةَ لِيَمْلِكَهَا. وَقِيلَ: إِنَّمَا مُظْهِرًا الْخِدْمَةَ وَالزِّيَارَةَ، وَهُوَ يُرِيدُ الْمَكْرَ وَالْغَدْرَ، فَعَلِمَ بِهِ بَهْرَامْ شَاهْ، فَأَخَذَهُ وَسَجَنَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ، فَعَظُمَ قَتْلُهُ عَلَى الْغُورِيَّةِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُمُ الْأَخْذُ بِثَأْرِهِ.
وَلَمَّا قُتِلَ مَلَكَ بَعْدَهُ أَخُوهُ سَامُ بْنُ الْحُسَيْنِ، فَمَاتَ بِالْجُدَرِيِّ ; وَمَلَكَ بَعْدَهُ أَخُوهُ الْمَلِكُ سُورِي بْنُ الْحُسَيْنِ بِلَادَ الْغُورِ، وَقَوِيَ أَمْرُهُ، وَتَمَكَّنَ فِي مُلْكِهِ، فَجَمَعَ عَسْكَرَهُ مِنَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ وَسَارَ إِلَى غَزْنَةَ طَالِبًا بِثَأْرِ أَخِيهِ الْمَقْتُولِ، وَقَاصِدًا مَلِكَ غَزْنَةَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهَا مَلَكَهَا فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
وَفَارَقَهَا بَهْرَامْ شَاهْ إِلَى بِلَادِ الْهِنْدِ، وَجَمَعَ جُمُوعًا كَثِيرَةً، وَعَادَ إِلَى غَزْنَةَ وَعَلَى