وَلَمَّا وَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى بَغْدَادَ بِمَوْتِ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ هَرَبَ الشِّحْنَةُ بِهَا، وَهُوَ مَسْعُودُ بِلَالٍ إِلَى تَكْرِيتَ، وَاسْتَظْهَرَ الْخَلِيفَةَ الْمُقْتَفِي لِأَمْرِ اللَّهِ عَلَى دَارِهِ، وَدَوْرِ أَصْحَابِ السُّلْطَانِ بِبَغْدَادَ، وَأَخَذَ كُلَّ مَا لَهُمْ فِيهَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَحْضَرَهَا بِالدِّيوَانِ، وَجَمَعَ الْخَلِيفَةُ الرِّجَالَ وَالْعَسَاكِرَ وَأَكْثَرَ التَّجْنِيدَ، وَتَقَدَّمَ بِإِرَاقَةِ الْخُمُورِ مِنْ مَسَاكِنِ أَصْحَابِ السُّلْطَانِ، وَوُجِدَ فِي دَارِ مَسْعُودِ بِلَالٍ شِحْنَةِ بَغْدَادَ كَثِيرٌ مِنَ الْخَمْرِ، فَأُرِيقُ، وَلَمْ يَكُنِ النَّاسُ يَظُنُّونَ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ بَعْدَ الْحَجِّ، وَقُبِضَ عَلَى الْمُؤَيَّدِ الْأَلُوسِيِّ الشَّاعِرِ، وَعَلَى الْحَيْصَ بَيْصَ الشَّاعِرِ، ثُمَّ أُطْلِقَ الْحَيْصَ بَيْصَ، وَأُعِيدَ عَلَيْهِ مَا أُخِذَ مِنْهُ.
ثُمَّ إِنَّ السُّلْطَانَ مَلِكْشَاهْ سَيَّرَ سَلَارْكُرْدَ فِي عَسْكَرٍ إِلَى الْحِلَّةِ، فَدَخَلَهَا، فَسَارَ إِلَيْهِ مَسْعُودُ بِلَالٍ، شِحْنَةُ بَغْدَادَ، وَأَظْهَرَ لَهُ الِاتِّفَاقَ مَعَهُ، فَلَمَّا اجْتَمَعَا قَبْضَ عَلَيْهِ مَسْعُودُ بِلَالٍ وَغَرَّقَهُ، وَاسْتَبَدَّ بِالْحِلَّةِ، فَلَمَّا عَلِمَ الْخَلِيفَةُ ذَلِكَ جَهَّزَ الْعَسَاكِرَ إِلَيْهِ مَعَ الْوَزِيرِ عَوْنِ الدِّينِ بْنِ هُبَيْرَةَ، فَسَارَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَارَبُوا الْحِلَّةَ عَبَرَ مَسْعُودُ بِلَالٍ الْفُرَاتَ إِلَيْهِمْ وَقَاتَلَهُمْ، فَانْهَزَمَ مِنْ عَسْكَرِ الْخَلِيفَةِ، وَنَادَى أَهْلُ الْحِلَّةِ بِشِعَارِ الْخَلِيفَةِ، فَلَمْ يَدْخُلْهَا، وَتَمَّتِ الْهَزِيمَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ، فَعَادَ [إِلَى] تَكْرِيتَ، وَمَلَكَ عَسْكَرُ الْخَلِيفَةِ الْحِلَّةِ، وَسَيَّرَ الْوَزِيرُ عَسْكَرًا إِلَى وَاسِطَ، فَمَلَكُوهُمَا.
ثُمَّ إِنَّ عَسَاكِرَ السُّلْطَانِ وَصَلَتْ إِلَى وَاسِطَ، فَفَارَقَهَا عَسْكَرُ الْخَلِيفَةِ، فَلَمَّا سَمِعَ الْخَلِيفَةُ ذَلِكَ تَجَهَّزَ بِنَفْسِهِ، وَسَارَ عَنْ بَغْدَادَ إِلَى وَاسِطَ، فَفَارَقَهَا الْعَسْكَرُ السُّلْطَانِيُّ، وَمَلَكَهَا الْخَلِيفَةُ، وَسَارَ مِنْهَا إِلَى الْحِلَّةِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ، فَوَصَلَهَا تَاسِعَ عَشَرَ ذِي الْقِعْدَةِ، وَكَانَتْ غَيْبَتُهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا
ثُمَّ إِنَّ خَاصَّ بِكْ بْنَ بَلَنْكَرِي قَبَضَ عَلَى الْمَلِكِ مَلِكْشَاهِ الَّذِي خُطِبَ لَهُ بِالسَّلْطَنَةِ بَعْدَ مَسْعُودٍ، وَأَرْسَلَ إِلَى أَخِيهِ الْمَلِكِ مُحَمَّدٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] وَهُوَ بِخُوزِسْتَانَ يَسْتَدْعِيهِ، وَكَانَ قَصْدُهُ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَهُ فَيَقْبِضَهُ وَيَخْطُبَ لِنَفْسِهِ بِالسَّلْطَنَةِ، فَسَارَ الْمَلِكُ مُحَمَّدٌ إِلَيْهِ، فَلَمَّا وَصَلَ أَجْلَسَهُ عَلَى تَخْتِ السَّلْطَنَةِ أَوَائِلَ صَفَرٍ، وَخَطَبَ لَهُ بِالسَّلْطَنَةِ، وَخَدَمَهُ، وَبَالَغَ فِي خِدْمَتِهِ، وَحَمَلَ لَهُ هَدَايَا عَظِيمَةً جَلِيلَةَ الْمِقْدَارِ.
ثُمَّ إِنَّهُ دَخَلَ إِلَى الْمَلِكِ مُحَمَّدٍ ثَانِي يَوْمِ وُصُولِهِ، فَقَتَلَهُ مُحَمَّدٌ، وَقَتَلَ مَعَهُ زَنْكِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute