للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَصَرُوا شَارِسْتَانَ، وَهِيَ مَنِيعَةٌ، فَأَحَاطُوا بِهَا، وَقَاتَلَهُمْ مَنْ فَوْقَ سُورِهَا، وَقَصَدُوا جُوَيْنَ فَنَهَبُوهَا، وَقَاتَلَهُمْ أَهْلُ بَحْرَابَاذَ مِنْ أَعْمَالِ جُوَيْنَ، وَبَذَلُوا نُفُوسَهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَحَمَوْا بَيْضَتَهُمْ وَالْبَاقِي أَتَى النَّهْبُ وَالْقَتْلُ عَلَيْهِ ; ثُمَّ قَصَدُوا أَسْفَرَايِينَ فَنَهَبُوهَا وَخَرَّبُوهَا، وَقَتَّلُوا فِي أَهْلِهَا فَأَكْثَرُوا.

وَمِمَّنْ قُتِلَ عَبْدُ الرَّشِيدِ الْأَشْعَثِيُّ، وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ دَوْلَةِ السُّلْطَانِ، فَتَرَكَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ وَطَلَبِ الْآخِرَةِ، وَأَبُو الْحَسَنِ الْفَنْدَرُوجِيُّ، وَكَانَ مِنْ ذَوِي الْفَضَائِلِ لَا سِيَّمَا فِي عِلْمِ الْأَدَبِ.

وَلَمَّا فَرَغَ الْغُزُّ مِنْ جُوَيْنَ وَأَسْفَرَايِينَ عَاوَدُوا نَيْسَابُورَ، فَنَهَبُوا مَا بَقِيَ فِيهَا بَعْدَ النَّهْبِ الْأَوَّلِ، وَكَانَ قَدْ لَحِقَ بِشَهْرَسْتَانَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِهَا، فَحَصَرَهُمُ الْغُزُّ وَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا، وَنَهَبُوا مَا كَانَ فِيهَا لِأَهْلِهَا وَلِأَهْلِ نَيْسَابُورَ، وَنَهَبُوا الْحُرَمَ وَالْأَطْفَالَ، وَفَعَلُوا مَا لَمْ يَفْعَلْهُ الْكُفَّارُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ الْعَيَّارُونَ أَيْضًا يَنْهَبُونَ نَيْسَابُورَ أَشَدَّ مِنْ نَهْبِ الْغُزِّ وَيَفْعَلُونَ أَقْبَحَ مِنْ فِعْلِهِمْ.

ثُمَّ إِنَّ أَمْرَ الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ شَاهْ ضَعُفَ، وَكَانَ قَبِيحَ السِّيرَةِ سَيِّئَ التَّدْبِيرِ، وَإِنَّ وَزِيرَهُ طَاهِرَ بْنَ فَخْرِ الْمُلْكِ ابْنِ نِظَامِ الْمُلْكِ تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] فَضَعُفَ أَمْرُهُ، وَاسْتَوْزَرَ سُلَيْمَانُ شَاهْ بَعْدَهُ ابْنَهُ نِظَامَ الْمُلْكِ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ طَاهِرٍ، وَانْحَلَّ أَمْرُ دَوْلَتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَفَارَقَ خُرَاسَانَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] وَعَادَ إِلَى جُرْجَانَ، فَاجْتَمَعَ الْأُمَرَاءُ وَرَاسَلُوا الْخَانْ مَحْمُودَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ بُغْرَاخَانْ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ، وَخَطَبُوا لَهُ عَلَى مَنَابِرِ خُرَاسَانَ وَاسْتَدْعَوْهُ إِلَيْهِمْ، فَمَلَّكُوهُ أُمُورَهُمْ، وَانْقَادُوا لَهُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَارُوا مَعَهُ إِلَى الْغُزِّ وَهُمْ يُحَاصِرُونَ هَرَاةَ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ كَانَ الظَّفَرُ فِي أَكْثَرِهَا لِلُغُزِّ، وَرَحَلُوا فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنْ عَلَى هَرَاةَ إِلَى مَرْوَ وَعَاوَدُوا الْمُصَادَرَةَ لِأَهْلِهَا.

وَسَارَ خَاقَانُ مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِلَى نَيْسَابُورَ وَقَدْ غَلَبَ عَلَيْهَا الْمُؤَيَّدُ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، وَرَاسَلَ الْغُزَّ فِي الصُّلْحِ، فَاصْطَلَحُوا فِي رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>