وَحَمَلَ بَاقِي الْعَسْكَرِ مَعَهُ فَانْهَزَمَ مَسْعُودٌ وَالْبَقْشُ وَجَمِيعُ مَنْ مَعَهُمْ، وَتَمَّتِ الْهَزِيمَةُ، وَظَفَرَ الْخَلِيفَةُ بِهِمْ، وَغَنَمَ عَسْكَرُهُ جَمِيعَ مَالِ التُّرْكُمَانِ مِنْ دَوَابَّ وَغَنَمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَبِيعَ كُلُّ كَبْشٍ بِدَانَقٍ ; وَكَانُوا قَدْ حَضَرُوا بِنِسَائِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَخَرَكَاهَاتِهِمْ وَجَمِيعِ مَالِهِمْ، فَأُخِذَ جَمِيعُهُ، وَنُودِيَ: مَنْ أَخَذَ مِنْ أَوْلَادِ التُّرْكُمَانِ وَنِسَائِهِمْ شَيْئًا فَلْيَرُدَّهُ ; فَرَدُّوهُ، فَأَخَذَ الْبَقْشُ كُونْ خَرْ الْمَلِكَ أَرْسَلَانَ، وَانْهَزَمَ إِلَى بَلَدِ اللِّحْفِ وَقَلْعَةِ الْمَاهِكِي.
وَفِي هَذِهِ الْحَرْبِ غَدَرَ بَنُو عَوْفٍ مِنْ عَسْكَرِ الْخَلِيفَةِ، وَلَحِقُوا بِالْعَجَمِ، وَمَضَى هِنْدِيٌّ الْكُرْدِيُّ أَيْضًا مَعَهُمْ. وَكَانَ الْمَلِكُ مُحَمَّدٌ قَدْ أَرْسَلَ عَسْكَرًا مَعَ خَاصِّ بِكْ بْنِ آقْسُنْقُرْ نَجْدَةً لِكُونْ خَرْ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى الرَّاذَانِ بَلَغَهُمْ خَبَرُ الْهَزِيمَةِ فَعَادُوا، وَرَجَعَ الْخَلِيفَةُ إِلَى بَغْدَادَ فَدَخَلَهَا أَوَائِلَ شَعْبَانَ، فَوَصَلَهُ الْخَبَرُ أَنَّ مَسْعُودَ بِلَالٍ وَتُرْشَكُ قَصْدَا مَدِينَةَ وَاسِطَ فَنَهَبَا وَخَرَّبَا، فَسَيَّرَ الْخَلِيفَةُ الْوَزِيرَ ابْنَ هُبَيْرَةَ فِي عَسْكَرٍ خَامِسَ عَشَرَ شَعْبَانَ، فَانْهَزَمَ الْعَجَمُ فَلَقِيَهُمْ عَسْكَرُ الْخَلِيفَةِ، وَنَهَبَ مِنْهُمْ شَيْئًا كَثِيرًا، وَعَادُوا إِلَى بَغْدَادَ، فَلُقِّبَ الْوَزِيرُ سُلْطَانُ الْعِرَاقِ مَلِكَ الْجُيُوشِ.
وَسَيَّرَ الْخَلِيفَةُ عَسْكَرًا إِلَى بَلَدِ اللِّحْفِ فَأَخَذَهُ وَصَارَ فِي جُمْلَتِهِ، وَأَمَّا الْمَلِكُ أَلْبُ أَرْسَلَانْ بْنُ طُغْرُلَ فَإِنَّ الْبَقْشُ أَخَذَهُ مَعَهُ إِلَى بَلَدِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ مُحَمَّدٌ يَقُولُ لَهُ لِيَحْضُرَ عِنْدَهُ وَأَرْسَلَانُ مَعَهُ، فَمَاتَ الْبَقْشُ كُونْ خَرْ فِي رَمَضَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَبَقِيَ أَرْسَلَانُ مَعَ ابْنِ الْبَقْشِ، وَحَسَنٍ الْجَانْدَارِ، فَحَمَلَاهُ [إِلَى] الْجَبَلِ، فَخَافَ الْمَلِكُ مُحَمَّدٌ أَنْ يَصِلَ أَرْسَلَانُ إِلَى زَوْجِ أُمِّهِ إِيلْدِكْزَ فَيَجْعَلَهُ ذَرِيعَةً إِلَى قَصْدِ الْبِلَادِ، فَلَمْ يَنْفَعْهُ حَذَرُهُ، وَاتَّصَلَ أَرْسَلَانُ بِإِيلْدِكْزَ زَوْجِ أُمِّهِ فَصَارَ مَعَهُ، وَهُوَ أَخُو الْبَهْلَوَانِ بْنِ إِيلْدِكْزَ لِأُمِّهِ، وَطُغْرُلُ الَّذِي قَتَلَهُ خَوَارَزْمُ شَاهْ وَلَدُ أَرْسَلَانَ هَذَا، وَكَانَ طُغْرُلُ آخِرَ السَّلْجُوقِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute