الْعَسَاكِرِ إِلَيْهِ نَجْدَةً لَهُ عَلَى حَصْرِ بَغْدَادَ، فَقَدِمَ الْعِرَاقَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] ، وَاضْطَّرَبَ النَّاسُ بِبَغْدَادَ، وَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ يَجْمَعُ الْعَسَاكِرَ فَأَقْبَلَ خَطْلَبُرْسُ مِنْ وَاسِطَ وَعَصَى أَرْغَشُ، صَاحِبُ الْبَصْرَةِ، وَأَخَذَ وَاسِطَ، وَرَحَلَ مُهَلْهِلٌ إِلَى الْحِلَّةِ فَأَخَذَهَا، وَاهْتَمَّ الْخَلِيفَةُ وَعَوْنُ الدِّينِ بْنُ هُبَيْرَةَ بِأَمْرِ الْحِصَارِ، وَجَمَعَ جَمِيعَ السُّفُنِ وَقَطَعَ الْجِسْرَ وَجَعَلَ الْجَمِيعَ تَحْتَ التَّاجِ، وَنُودِيَ مُنْتَصَفَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] ، أَنْ لَا يُقِيمَ أَحَدٌ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، فَأَجْفَلَ النَّاسُ وَأَهْلُ السَّوَادِ، وَنُقِلَتِ الْأَمْوَالُ إِلَى حَرِيمِ دَارِ الْخِلَافَةِ، وَخَرَّبَ الْخَلِيفَةُ قَصْرَ عِيسَى وَالْمُرَبَّعَةَ وَالْقُرَيَّةَ وَالْمُسْتَجِدَّةَ وَالنَّجْمِيَّ، وَنَهَبَ أَصْحَابُهُ مَا وَجَدُوا، وَخَرَّبَ أَصْحَابُ مُحَمَّدِ شَاهْ نَهْرَ الْقَلَّابِينَ، وَالتُّوثَةَ، وَشَارِعَ ابْنِ رِزْقِ اللَّهِ وَبَابَ الْمَيْدَانِ وَقُطُفْتَا.
وَأَمَّا أَهْلُ الْكَرْخِ وَأَهْلُ بَابِ الْبَصْرَةِ فَإِنَّهُمْ خَرَجُوا إِلَى عَسْكَرِ مُحَمَّدٍ، وَكَسَبُوا مَعَهُمْ أَمْوَالًا كَثِيرَةً.
وَعَبَرَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ فَوْقَ حَرْبَى إِلَى الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، وَنُهِبَتْ أُوَانَا، وَاتَّصَلَ بِهِ زَيْنُ الدِّينِ هُنَاكَ، وَسَارُوا، فَنَزَلَ مُحَمَّدُ شَاهْ عِنْدَ الرَّمْلَةِ، وَفَرَّقَ الْخَلِيفَةُ السِّلَاحَ عَلَى الْجُنْدِ وَالْعَامَّةِ، وَنَصَبَ الْمَجَانِيقَ وَالْعَرَّادَاتِ.
فَلَمَّا كَانَ فِي الْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ رَكِبَ عَسْكَرُ مُحَمَّدِ شَاهْ وَزَيْنِ الدِّينِ عَلِيٍّ، وَوَقَفُوا عِنْدَ الرَّقَّةِ، وَرَمَوْا بِالنُّشَّابِ إِلَى نَاحِيَةِ التَّاجِ، فَعَبَرَ إِلَيْهِمْ عَامَّةُ بَغْدَادَ فَقَاتَلُوهُمْ، وَرَمَوْهُمْ بِالنِّفْطِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ جَرَى بَيْنَهُمْ عِدَّةُ حُرُوبٍ.
وَفِي ثَالِثِ صَفَرٍ عَاوَدُوا الْقِتَالَ، وَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ، وَعَبَرَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ سِبَاحَةً وَفِي السُّفُنِ، فَقُتِلُوا ; وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.
وَلَمْ تَزَلِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ كُلَّ وَقْتٍ، وَعُمِلَ الْجِسْرُ عَلَى دِجْلَةَ وَعَبَرَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعَسْكَرِ إِلَى الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، وَصَارَ الْقِتَالُ فِي الْجَانِبَيْنِ، وَبَقِيَ زَيْنُ الدِّينِ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، وَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ فَنُودِيَ: كُلُّ مَنْ جُرِحَ فَلَهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ، فَكَانَ كُلَّمَا جُرِحَ إِنْسَانٌ يَحْضُرُ عِنْدَ الْوَزِيرِ فَيُعْطِيهِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ، فَاتَّفَقَ أَنَّ بَعْضَ الْعَامَّةِ جُرِحَ جُرْحًا لَيْسَ بِكَبِيرٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute