وَحَصَرُوهُمْ، وَمَلَكُوا الْبَلَدَ، وَقَتَلُوا فِيهِمْ وَنَهَبُوا وَأَكْثَرُوا، ثُمَّ عَادُوا إِلَى نَيْسَابُورَ، وَسَارُوا مَعَ جَلَالِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ ابْنِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ الْخَانِ إِلَى بَيْهَقَ، وَحَصَرُوا سَابَزَوَارَ سَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَامْتَنَعَ أَهْلُهَا عَلَيْهِمْ وَقَامَ بِأَمْرِهِمُ النَّقِيبُ عِمَادُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ، نَقِيبُ الْعَلَوِيِّينَ، وَاجْتَمَعُوا مَعَهُ، وَرَجَعُوا إِلَى أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَوَقَفُوا عِنْدَ إِشَارَتِهِ، فَامْتَنَعُوا عَلَى الْغُزِّ، وَحَفِظُوا الْبَلَدَ مِنْهُمْ، وَصَبَرُوا عَلَى الْقِتَالِ.
فَلَمَّا رَأَى الْغُزُّ امْتِنَاعَهُمْ عَلَيْهِمْ وَقُوَّتَهُمْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ يَطْلُبُونَ الصُّلْحَ، فَاصْطَلَحُوا، وَلَمْ يُقْتَلْ مِنْ أَهْلِ سَابَزَوَارَ فِي تِلْكَ الْحُرُوبِ غَيْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَرَحَلَ الْمَلِكُ جَلَالُ الدِّينِ وَالُغُزُّ عَنْ سَابَزَوَارَ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَارُوا إِلَى نَسَا وَأَبِيوَرْدَ.
ذِكْرُ أَسْرِ الْمُؤَيَّدِ وَخَلَاصِهِ
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُؤَيَّدَ أَيْ أَبَهْ تَخَلَّفَ عَنِ السُّلْطَانِ رُكْنِ [الدِّينِ] مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدٍ بِجُرْجَانَ، فَلَمَّا كَانَ الْآنَ سَارَ مِنْ جُرْجَانَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَنَزَلَ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى خُبُوشَانَ، اسْمُهَا زَانَكُ، وَبِهَا حِصْنٌ، فَسَمِعَ الْغُزُّ بِوُصُولِهِ إِلَى زَانَكَ، فَسَارُوا إِلَيْهِ وَحَصَرُوهُ فِيهِ، فَخَرَجَ مِنْهُ هَارِبًا، فَرَآهُ وَاحِدٌ مِنَ الْغُزِّ، فَأَخَذَهُ، فَوَعَدَهُ بِمَالٍ جَزِيلٍ إِنْ أَطْلَقَهُ، فَقَالَ الْغُزِيُّ: وَأَيْنَ الْمَالُ؟ فَقَالَ: هُوَ مُودَعٌ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْجِبَالِ.
فَسَارَ هُوَ وَالْغُزِّيُّ، فَوَصَلَا إِلَى جِدَارِ قَرْيَةٍ فِيهَا بَسَاتِينُ وَعُيُونٌ، فَقَالَ لِلْفَارِسِ: الْمَالُ هَا هُنَا ; وَصَعِدَ الْجِدَارَ وَنَزَلَ مِنْ ظَهْرِهِ وَمَضَى هَارِبًا، فَرَأَى الْغُزَّ قَدْ مَلَئُوا الْأَرْضَ، فَدَخَلَ قَرْيَةً، فَعَرَفَهُ طَحَّانٌ فِيهَا، فَأَعْلَمَ زَعِيمَ الْقَرْيَةِ بِهِ، وَطَلَبَ مِنْهُ مَرْكَبًا، فَأَتَاهُ بِمَا أَرَادَ، وَأَعَانَهُ عَلَى الْوُصُولِ إِلَى نَيْسَابُورَ، فَوَصَلَ إِلَيْهَا، وَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْعَسَاكِرُ وَقَوِيَ أَمْرُهُ وَعَادَ إِلَى حَالِهِ، وَأَحْسَنَ إِلَى الطَّحَّانِ، وَبَالَغَ فِي الْإِحْسَانِ إِلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute