وَزِيرَهُ، وَقَتَلَ مَنْ رَأَى مِنْ أَصْحَابِهِ، وَنَزَلَ عَلَى الْمَاهِكِيِّ وَحَصَرَهَا أَيَّامًا، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْبَنْدَنِيجَيْنِ، وَأَرْسَلَ إِلَى بَغْدَادَ بِالْبِشَارَةِ.
وَأَمَّا سُنْقُرُ فَإِنَّهُ لَحِقَ بِمَلِكْشَاهْ فَاسْتَنْجَدَهُ، فَسَيَّرَ مَعَهُ خَمْسَ مِائَةِ فَارِسٍ، فَعَادَ، وَنَزَلَ عَلَى قَلْعَةٍ هُنَاكَ، وَأَفْسَدَ أَصْحَابُهُ فِي الْبِلَادِ، وَأَرْسَلَ تُرْشَكُ [إِلَى] بَغْدَادَ يَطْلُبُ نَجْدَةً، فَجَاءَتْهُ، فَأَرَادَ سُنْقُرُ أَنْ يَكْبِسَ تُرْشَكَ، فَعَرَفَ ذَلِكَ، فَاحْتَرَزَ، فَعَدَلَ سُنْقُرُ إِلَى الْمُخَادَعَةِ، فَأَرْسَلَ رَسُولًا إِلَى تُرْشَكَ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُصْلِحَ حَالَهُ مَعَ الْخَلِيفَةِ، فَاحْتَبَسَ تُرْشَكُ الرَّسُولَ عِنْدَهُ وَرَكِبَ فِيمَنْ خَفَّ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَبَسَ سُنْقُرَ لَيْلًا، فَانْهَزَمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِيهِمْ، وَغَنِمَ تُرْشَكُ أَمْوَالَهُمْ وَدَوَابَّهُمْ وَكُلَّ مَا لَهُمْ وَنَجَا سُنْقُرُ جَرِيحًا.
ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بَيْنَ عَامَّةِ إِسْتِرَابَاذَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَ فِي إِسْتِرَابَاذَ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ الْعَلَوِيِّينَ وَمَنْ يَتْبَعُهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ وَبَيْنَ الشَّافِعِيَّةِ وَمَنْ مَعَهُمْ، وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّ الْإِمَامَ مُحَمَّدًا الْهَرَوِيَّ وَصَلَ إِلَى إسْتِرَابَاذَ، فَعَقَدَ مَجْلِسَ الْوَعْظِ، وَكَانَ قَاضِيهَا أَبُو نَصْرٍ سَعْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ النُّعَيْمِيُّ شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ أَيْضًا، فَثَارَ الْعَلَوِيُّونَ وَمَنْ يَتْبَعُهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ بِالشَّافِعِيَّةِ وَمَنْ يَتْبَعُهُمْ بِإِسْتِرَابَاذَ، وَوَقَعَتْ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ انْتَصَرَ فِيهَا الْعَلَوِيُّونَ، فَقُتِلَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ جَمَاعَةٌ، وَضُرِبَ الْقَاضِي، وَنُهِبَتْ دَارُهُ وَدُورُ مَنْ مَعَهُ، وَجَرَى عَلَيْهِمْ مِنَ الْأُمُورِ الشَّنِيعَةِ مَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ.
فَسَمِعَ شَاهْ مَازَنْدَرَانَ الْخَبَرَ فَاسْتَعْظَمَهُ، وَأَنْكَرَ عَلَى الْعَلَوِيِّينَ فِعْلَهُمْ، وَبَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ مَعَ أَنَّهُ شَدِيدُ التَّشَيُّعِ، وَقَطَعَ عَنْهُمْ جِرَايَاتٍ كَانَتْ لَهُمْ، وَوَضَعَ الْجِبَايَاتِ وَالْمُصَادَرَاتِ عَلَى الْعَامَّةِ، فَتَفَرَّقَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَعَادَ الْقَاضِي إِلَى مَنْصِبِهِ وَسَكَنَتِ الْفِتْنَةُ.
ذِكْرُ وَفَاةِ الْمَلِكِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي ذِي الْحِجَّةِ، تُوُفِّيَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute