أَرْسِلَان بِأَصْفَهَانَ مَسْمُومًا، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَثُرَ جَمْعُهُ بِأَصْفَهَانَ أَرْسَلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَطَلَبَ أَنْ يَقْطَعُوا خُطْبَةَ عَمِّهِ سُلَيْمَانَ شَاهْ، وَيَخْطُبُوا لَهُ، وَيُعِيدُوا الْقَوَاعِدَ بِالْعِرَاقِ إِلَى مَا كَانَتْ أَوَّلًا، وَإِلَّا قَصَدَهُمْ، فَوَضَعَ الْوَزِيرُ عَوْنُ الدِّينِ بْنُ هُبَيْرَةِ خَصِيًّا كَانَ خِصِّيصًا بِهِ، يُقَالُ لَهُ: أَغْلَبُكُ الْكَوْهَرَايِينِيُّ.
فَمَضَى إِلَى بِلَادِ الْعَجَمِ، وَاشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ قَاضِي هَمَذَانَ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَبَاعَهَا مِنْ مَلِكْشَاهْ، وَكَانَ قَدْ وَضَعَهَا عَلَى سَمِّهِ وَوَعَدَهَا أُمُورًا عَظِيمَةً، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، وَسَمَّتْهُ فِي لَحْمٍ مَشْوِيٍّ، فَأَصْبَحَ مَيِّتًا، وَجَاءَ الطَّبِيبُ إِلَى دَكْلَا وَشُمْلَةَ، فَعَرَّفَهُمَا أَنَّهُ مَسْمُومٌ، فَعَرَفُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْجَارِيَةِ، فَأُخِذَتْ، وَضُرِبَتْ، وَأَقَرَّتْ. وَهَرَبَ أَغْلَبُكُ، وَوَصَلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَوَفَّى لَهُ الْوَزِيرُ بِجَمِيعِ مَا اسْتَقَرَّ الْحَالُ عَلَيْهِ.
وَلَمَّا مَاتَ أَخْرَجَ أَهْلُ أَصْفَهَانَ أَصْحَابَهُ مِنْ عِنْدِهِمْ، وَخَطَبُوا لِسُلَيْمَانَ شَاهْ وَاسْتَقَرَّ مُلْكُهُ بِتِلْكَ الْبِلَادِ، وَعَادَ شُمْلَةُ إِلَى خُوزَسْتَانَ، فَأَخَذَ مَا كَانَ مَلِكْشَاهْ تَغَلَّبَ عَلَيْهِ مِنْهَا.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ حَجَّ أَسَدُ الدِّينِ شِيرِكُوهْ بْنُ شَاذِي مُقَدَّمُ جُيُوشِ نُورِ الدِّينِ مَحْمُودِ بْنِ زَنْكِي صَاحِبِ الشَّامِ، وَشِيرِكُوهْ هَذَا هُوَ الَّذِي مَلَكَ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ. وَسَيَرِدُ ذِكْرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِيهَا أَرْسَلَ زَيْنُ الدِّينِ عَلِيٌّ نَائِبُ قُطْبِ الدِّينِ، صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، رَسُولًا إِلَى الْمُسْتَنْجِدِ يَعْتَذِرُ مِمَّا جَنَاهُ مِنْ مُسَاعَدَةِ مُحَمَّد شَاهْ فِي حِصَارِ بَغْدَادَ، وَيَطْلُبُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فِي الْحَجِّ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيَّ، مُدَرِّسَ النِّظَامِيَّةِ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ قَتَلَمِشَّ يُطَيِّبَانِ قَلْبَهُ عَنِ الْخَلِيفَةِ وَيُعَرِّفَانِهِ الْإِذْنَ فِي الْحَجِّ، فَحَجَّ وَدَخَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ، فَأَكْرَمَهُ وَخَلَعَ عَلَيْهِ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ قَايْمَازُ الْأُرْجُوَانِيُّ أَمِيرُ الْحَاجِّ، سَقَطَ عَنِ الْفَرَسِ وَهُوَ يَلْعَبُ بِالْأُكْرَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute