للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَا لَا أُحَارِبُكَ حَتَّى يَصِلَ الْأَتَابِكُ الْأَعْظَمُ إِيلْدِكْزُ.

[وَسَارَ إِيلْدِكْزُ] فِي عَسَاكِرِهِ جَمِيعِهَا يَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَمَعَهُ أَرْسِلَان شَاهْ بْنُ طُغْرُلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ، فَوَصَلَ إِلَى هَمَذَانَ، فَلَقِيَهُمْ كُرْدَبَازُو، وَأَنْزَلَهُ دَارَ الْمَمْلَكَةِ، وَخَطَبَ لَأَرْسِلَان شَاهْ بِالسَّلْطَنَةِ بِتِلْكَ الْبِلَادِ، وَكَانَ إِيلْدِكْزُ قَدْ تَزَوَّجَ بِأُمِّ أَرْسِلَان شَاهْ، وَهِيَ أُمُّ الْبَهْلَوَانِ بْنِ إِيلْدِكْزَ، وَكَانَ إِيلْدِكْزُ أَتَابِكَهُ، وَالْبَهْلَوَانُ حَاجِبَهُ، وَهُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ، وَكَانَ إِيلْدِكْزُ هَذَا أَحَدَ مَمَالِيكِ السُّلْطَانِ مَسْعُودِ وَاشْتَرَاهُ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ، فَلَمَّا مَلَكَ أَقْطَعَهُ أَرَّانَ وَبَعْضَ أَذْرَبِيجَانَ، وَاتَّفَقَ الْحُرُوبُ وَالِاخْتِلَافُ، فَلَمْ يَحْضُرْ عِنْدَهُ أَحَدٌ مِنَ السَّلَاطِينِ السَّلْجُوقِيَّةِ، وَعَظُمَ شَأْنُهُ وَقَوِيَ أَمْرُهُ، وَتَزَوَّجَ بِأُمِّ الْمَلِكِ أَرْسِلَان شَاهْ، فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا مِنْهُمُ الْبَهْلَوَانُ مُحَمَّدٌ، وَقُزْلُ أَرْسِلَان عُثْمَانُ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا سَبَبَ انْتِقَالِ أَرْسِلَان شَاهْ إِلَيْهِ، وَبَقِيَ عِنْدَهُ إِلَى الْآنِ، فَلَمَّا خَطَبَ لَهُ بِهَمَذَانَ أَرْسَلَ إِيلْدِكْزُ إِلَى بَغْدَادَ يَطْلُبُ الْخُطْبَةَ لِأَرْسِلَان شَاهْ أَيْضًا، وَأَنْ تُعَادَ الْقَوَاعِدُ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ أَيَّامَ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ، فَأُهِينَ رَسُولُهُ وَأُعِيدَ إِلَيْهِ عَلَى أَقْبَحِ حَالَةٍ، وَأَمَّا إِينَانْجُ صَاحِبُ الرَّيِّ فَإِنَّ إِيلْدِكْزَ رَاسَلَهُ وَلَاطَفَهُ فَاصْطَلَحَا وَتَحَالَفَا عَلَى الِاتِّفَاقِ، وَتَزَوَّجَ الْبَهْلَوَانُ بْنُ إِيلْدِكْزَ بِابْنَةِ إِينَانْجَ وَنُقِلَتْ إِلَيْهِ بِهَمَذَانَ.

ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ ابْنِ آقَنَسْقَرَ وَعَسْكَرِ إِيلْدِكْزَ

لَمَّا اسْتَقَرَّ الصُّلْحُ بَيْنَ إِيلْدِكْزَ وَإِينَانْجَ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ آقَنَسْقَرَ الْأَحْمَدِيلِيِّ، صَاحِبِ مَرَاغَةَ، يَدْعُوهُ إِلَى الْحُضُورِ فِي خِدْمَةِ السُّلْطَانِ أَرْسِلَان شَاهْ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: إِنْ كَفَفْتُمْ عَنِّي، وَإِلَّا فَعِنْدِي سُلْطَانٌ، وَكَانَ عِنْدَهُ وَلَدُ مُحَمَّد شَاهْ بْنِ مَحْمُودٍ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَكَانَ الْوَزِيرُ ابْنُ هُبَيْرَةَ قَدْ كَاتَبَهُ يُطْمِعُهُ فِي الْخُطْبَةِ لِوَلَدِ مَحْمُود شَاهْ، فَجَهَّزَ إِيلْدِكْزُ عَسْكَرًا مَعَ وَلَدِهِ الْبُهْلُولِ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ (إِلَى ابْنِ) آقَنَسْقَرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى شَاهْ أَرْمَنْ، صَاحِبِ خِلَاطَ، وَحَالَفَهُ، وَصَارَا يَدًا وَاحِدَةً، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ شَاهْ أَرْمَنْ عَسْكَرًا كَثِيرًا، وَاعْتَذَرَ عَنْ تَأَخُّرِهِ بِنَفْسِهِ ; لِأَنَّهُ فِي ثَغْرٍ لَا يُمْكِنُهُ مُفَارَقَتَهُ، فَقَوِيَ بِهِمُ ابْنُ آقَنَسْقَرَ، وَكَثُرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>