للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ الْوَزِيرُ عَوْنُ الدِّينِ أَيْضًا قَدْ كَاتَبَ الْأُمَرَاءَ الَّذِينَ مَعَ إِيلْدِكْزَ يُوَبِّخُهُمْ عَلَى طَاعَتِهِ، وَيُضَعِّفُ رَأْيَهُمْ، وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى مُسَاعِدِهِ زَنْكِي ابْنِ دَكْلَا وَإِينَانْجَ، وَكَانَ إِينَانْجُ قَدْ بَرَزَ مِنَ الرَّيِّ فِي عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ آقَنَسْقَرَ الْأَحْمَدَيْلِيُّ خَمْسَةَ آلَافِ فَارِسٍ، وَهَرَبَ ابْنُ الْبَازَدَارِ، صَاحِبُ قَزْوِينَ، وَابْنُ طُغُيْرَكَ وَغَيْرُهُمَا، فَلَحِقُوا بِإِينَانْجَ وَهُوَ فِي صَحْرَاءِ سَاوَةَ.

وَأَمَّا إِيلْدِكْزُ فَإِنَّهُ اسْتَشَارَ نُصَحَاءَهُ، فَأَشَارُوا بِقَصْدِ إِينَانْجَ لِأَنَّهُ أَهَمُّ، فَرَحَلَ إِلَيْهِ، وَنَهَبَ زَنْكِي بْنُ دَكْلَا سُهَيْرِمَ وَغَيْرَهَا، فَرَدَّ إِيلْدِكْزُ إِلَيْهِ أَمِيرًا فِي عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ لِحِفْظِ الْبِلَادِ. فَسَارَ زَنْكِي إِلَيْهِمْ، فَلَقِيَهُمْ وَقَاتَلَهُمْ، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ إِيلْدِكْزَ إِلَيْهِ، فَتَجَلَّدَ لِذَلِكَ وَأَرْسَلَ يَطْلُبُ عَسَاكِرَ أَذْرَبِيجَانَ، فَجَاءَتْهُ مَعَ وَلَدِهِ قُزْلِ أَرْسِلَان.

وَسَيَّرَ زَنْكِي بْنُ دَكْلَا عَسْكَرًا كَثِيرًا إِلَى إِينَانْجَ، وَاعْتَذَرَ عَنِ الْحُضُورِ بِنَفْسِهِ عِنْدَهُ لِخَوْفِهِ عَلَى بِلَادِهِ مِنْ شُمْلَةَ، صَاحِبِ خُوزَسْتَانَ، فَسَارَ إِيلْدِكْزُ إِلَى إِينَانْجَ وَتَدَانَى الْعَسْكَرَانِ، فَالْتَقَوْا تَاسِعَ شَعْبَانَ وَجَرَى بَيْنَهُمْ حَرْبٌ عَظِيمَةٌ أَجْلَتْ عَنْ هَزِيمَةِ إِينَانْجَ، فَانْهَزَمَ أَقْبَحَ هَزِيمَةٍ وَقُتِلَتْ رِجَالُهُ وَنُهِبَتْ أَمْوَالُهُ، وَدَخَلَ الرَّيَّ، وَتَحَصَّنَ فِي قَلْعَةِ طَبْرَكَ، وَحَصَرَ إِيلْدِكْزُ الرَّيَّ، ثُمَّ شَرَعَ فِي الصُّلْحِ، وَاقْتَرَحَ إِينَانْجُ اقْتِرَاحَاتٍ، فَأَجَابَهُ إِيلْدِكْزُ إِلَيْهَا، وَأَعْطَاهُ جَرْبَاذَقَانَ وَغَيْرَهَا، وَعَادَ إِيلْدِكْزُ إِلَى هَمَذَانَ، كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَتَأَخَّرَ هَذِهِ الْحَادِثَةُ وَالَّتِي قَبْلَهَا، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ لِتَتْبَعَ أَخَوَاتِهَا.

ذِكْرُ وَفَاةِ مَلَكِ الْغُورِ وَمُلْكِ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ، تُوُفِّيَ الْمَلِكُ عَلَاءُ الدِّينِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْغُورِيُّ مَلِكُ الْغُورِ بَعْدَ انْصِرَافِهِ عَنْ غَزْنَةَ، وَكَانَ عَادِلًا مِنْ أَحْسَنِ الْمُلُوكِ سِيرَةً فِي رَعِيَّتِهِ، وَلَمَّا مَاتَ مَلَكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ سَيْفُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ، وَأَطَاعَهُ النَّاسُ، وَأَحَبُّوهُ، وَكَانَ قَدْ صَارَ فِي بِلَادِهِمْ جَمَاعَةٌ مِنْ دُعَاةِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، وَكَثُرَ أَتْبَاعُهُمْ، فَأُخْرِجُوا مِنْ تِلْكَ الدِّيَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>