جَمِيعِهَا، وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَرَاسَلَ الْمُلُوكَ وَهَادَاهُمْ، وَاسْتَمَالَ الْمُؤَيَّدَ أَيْ أَبَهْ، صَاحِبَ نَيْسَابُورَ، وَطَلَبَ مُوَافَقَتَهُ.
ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بِنَيْسَابُورَ وَتَخْرِيبِهَا
كَانَ أَهْلُ الْعَيْثِ وَالْفَسَادِ بِنَيْسَابُورَ قَدْ طَمِعُوا فِي نَهْبِ الْأَمْوَالِ وَتَخْرِيبِ الْبُيُوتِ، وَفِعْلِ مَا أَرَادُوا، فَإِذَا نَهَبُوا لَمْ يَنْتَهُوا، فَلَمَّا كَانَ الْآنَ تَقَدَّمَ الْمُؤَيَّدُ أَيْ أَبَهْ بِقَبْضِ أَعْيَانِ نَيْسَابُورَ، مِنْهُمْ نَقِيبُ الْعَلَوِيِّينَ أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحُسَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَحَبَسَهُمْ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] ، وَقَالَ: أَنْتُمُ الَّذِينَ أَطْعَمْتُمُ الرُّنُودَ وَالْمُفْسِدِينَ حَتَّى فَعَلُوا هَذِهِ الْفِعَالَ، وَلَوْ أَرَدْتُمْ مَنْعَهُمْ لَامْتَنَعُوا.
وَقَتَلَ مِنْ أَهْلِ الْفَسَادِ جَمَاعَةً، فَخُرِّبَتْ نَيْسَابُورُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا خُرِّبَ مَسْجِدُ عُقَيْلٍ، كَانَ مَجْمَعًا لِأَهْلِ الْعِلْمِ، وَفِيهِ خَزَائِنُ الْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةُ، وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ مَنَافِعِ نَيْسَابُورَ، وَخَرَّبَ أَيْضًا مِنْ مَدَارِسِ الْحَنَفِيَّةِ ثَمَانِيَ مَدَارِسَ، وَمِنْ مَدَارِسِ الشَّافِعِيَّةِ سَبْعَ عَشْرَةَ مَدْرَسَةً، وَأَحْرَقَ خَمْسَ خَزَائِنَ لِلْكُتُبِ، وَنَهَبَ سَبْعَ خَزَائِنَ كُتُبٍ وَبِيعَتْ بِأَبْخَسِ الْأَثْمَانِ، هَذَا مَا أَمْكَنَ إِحْصَاؤُهُ سِوَى مَا لَمْ يُذْكُرْ.
ذِكْرُ خَلْعِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ وَنَهْبِ طُوسَ وَغَيْرِهَا مِنْ خُرَاسَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، قَصَدَ السُّلْطَانُ مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدِ الْخَانْ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ مَلَكَ خُرَاسَانَ بَعْدَهُ، فَفِي هَذِهِ السَّنَةِ حَصَرَ الْمُؤَيَّدُ صَاحِبُ نَيْسَابُورَ بَشَاذِيَاخَ، وَكَانَ الْغُزُّ مَعَ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، فَدَامَتِ الْحَرْبُ إِلَى آخِرِ شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
ثُمَّ إِنَّ مَحْمُودًا أَظْهَرَ أَنَّهُ يُرِيدُ دُخُولَ الْحَمَّامِ، فَدَخَلَ إِلَى شَهْرَسْتَانَ، آخِرَ شَعْبَانَ، كَالْهَارِبِ مَنَّ الْغُزِّ، وَأَقَامُوا عَلَى نَيْسَابُورَ إِلَى آخِرِ شَوَّالٍ، ثُمَّ عَادُوا رَاجِعِينَ، فَعَاثُوا فِي الْقُرَى وَنَهَبُوهَا، وَنَهَبُوا طُوسَ نَهْبًا فَاحِشًا، وَحَضَرُوا الْمَشْهَدَ الَّذِي لِعَلِيِّ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute