للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُوسَى، وَقَتَلُوا كَثِيرًا مِمَّنْ فِيهِ وَنَهَبُوهُمْ، وَلَمْ يَعْرِضُوا لِلْقُبَّةِ الَّتِي فِيهَا الْقَبْرُ.

فَلَمَّا دَخَلَ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ إِلَى نَيْسَابُورَ أَمْهَلَهُ الْمُؤَيَّدُ إِلَى أَنْ دَخَلَ رَمَضَانُ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَأَخَذَهُ وَكَحَّلَهُ وَأَعْمَاهُ، وَأَخَذَ مَا كَانَ مَعَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْأَعْلَاقِ النَّفِيسَةِ، وَكَانَ يُخْفِيهَا خَوْفًا عَلَيْهَا مِنَ الْغُزِّ، لَمَّا كَانَ مَعَهُمْ، وَقَطَعَ الْمُؤَيَّدُ خُطْبَتَهُ مِنْ نَيْسَابُورَ وَغَيْرِهَا مِمَّا هُوَ فِي تَصَرُّفِهِ، وَخَطَبَ لِنَفْسِهِ، بَعْدَ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَنْجِدِ بِاللَّهِ، وَأَخَذَ ابْنَهُ جَلَالَ الدِّينِ مُحَمَّدًا الَّذِي كَانَ مَلَّكَهُ الْغُزُّ أَمْرَهُمْ قَبْلَ أَبِيهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ، وَسَمَلَهُ أَيْضًا، وَسَجَنَهُمَا، وَمَعَهُمَا جَوَارِيهِمَا وَحَشَمُهُمَا، وَبَقِيَا فِيهَا فَلَمْ تُطِلْ أَيَّامُهُمَا، وَمَاتَ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ، ثُمَّ مَاتَ ابْنُهُ بَعْدَهُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِهِ لِمَوْتِ أَبِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ذِكْرُ عِمَارَةِ شَاذِيَاخِ نَيْسَابُورَ

كَانَتْ شَاذِيَاخُ قَدْ بَنَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ، لَمَّا كَانَ أَمِيرًا عَلَى خُرَاسَانَ لِلْمَأْمُونِ، وَسَبَبُ عِمَارَتِهَا أَنَّهُ رَأَى امْرَأَةً جَمِيلَةً تَقُودُ فَرَسًا تُرِيدُ سَقْيَهُ، فَسَأَلَهَا عَنْ زَوْجِهَا، فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ، فَأَحْضَرَهُ، وَقَالَ لَهُ: خِدْمَةُ الْخُيُولِ بِالرِّجَالِ أَشْبَهُ، فَلِمَ تَقْعُدْ أَنْتَ فِي دَارِكَ وَتُرْسِلِ امْرَأَتَكَ مَعَ فَرَسِكَ؟ فَبَكَى الرَّجُلَ، وَقَالَ لَهُ: ظُلْمُكَ يَحْمِلُنَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: لِأَنَّكَ تُنْزِلُ الْجُنْدَ مَعَنَا فِي دُورِنَا، فَإِنْ خَرَجْتُ أَنَا وَزَوْجَتِي بَقِيَ الْبَيْتُ فَارِغًا، فَيَأْخُذُ الْجُنْدِيُّ مَا لَنَا فِيهِ، وَإِنْ سَقَيْتُ أَنَا الْفَرَسَ فَلَا آمَنُ عَلَى زَوْجَتِي مِنَ الْجُنْدِيِّ، فَرَأَيْتُ أَنْ أُقِيمَ فِي الْبَيْتِ وَتَخْدِمُ زَوْجَتِي الْفَرَسَ.

فَعَظُمَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ وَخَرَجَ مِنَ الْبَلَدِ لِوَقْتِهِ، وَنَزَلَ فِي الْخِيَامِ، وَأَمَرَ الْجُنْدَ، فَخَرَجُوا مِنْ دُورِ النَّاسِ، وَبَنَى شَاذِيَاخَ دَارًا لَهُ وَلِجُنْدِهِ وَسَكَنَهَا وَهُمْ مَعَهُ، ثُمَّ إِنَّهَا دُثِرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ.

فَلَمَّا كَانَ أَيَّامُ السُّلْطَانِ أَلْب أَرْسِلَان، ذُكِرَتْ لَهُ هَذِهِ الْقِصَّةُ فَأَمَرَ بِتَجْدِيدِهَا، ثُمَّ إِنَّهَا تَشَعَّثَتْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ الْآنَ وَخُرِّبَتْ نَيْسَابُورُ، وَلَمْ يُمْكِنْ حِفْظُهَا، وَالْغُزُّ تَطْرُقُ الْبِلَادَ وَتَنْهَبُهَا، أَمَرَ الْمُؤَيَّدُ حِينَئِذٍ بِعَمَلِ سُورِهَا، وَسَدِّ ثُلَمِهِ وَسُكْنَاهُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ وَسَكَنَهَا هُوَ وَالنَّاسُ وَخُرِّبَتْ حِينَئِذٍ نَيْسَابُورُ كُلَّ خَرَابٍ، وَلَمْ يَبْقَ بِهَا أَنِيسٌ.

ذِكْرُ قَتْلِ الصَّالِحِ بْنِ رُزَّيْكَ وَوِزَارَةِ ابْنِهِ رُزَّيْكَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، قُتِلَ الْمَلِكُ الصَّالِحُ أَبُو الْغَارَاتِ طَلَائِعُ بْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>