وَمَعَهُ طَائِفَةٌ صَالِحَةٌ مِنَ الْعَسْكَرِ، فَلَمَّا وَصَلَ أَمِيرُ الْحَاجِّ إِلَى مَكَّةَ رَتَّبَ مَكَانَ قَاسِمِ بْنِ فُلَيْتَةَ عَمَّهُ عِيسَى بْنَ قَاسِمِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، فَبَقِيَ كَذَلِكَ إِلَى شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ إِنَّ قَاسِمَ بْنَ فُلَيْتَةَ جَمَعَ جَمْعًا كَثِيرًا مِنَ الْعَرَبِ أَطْمَعَهُمْ فِي مَالٍ لَهُ بِمَكَّةَ، فَاتَّبَعُوهُ، فَسَارَ بِهِمْ إِلَيْهَا، فَلَمَّا سَمِعَ عَمُّهُ عِيسَى فَارَقَهَا، وَدَخَلَهَا قَاسِمٌ فَأَقَامَ بِهَا أَمِيرًا أَيَّامًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُوصِلُهُ إِلَى الْعَرَبِ، ثُمَّ إِنَّهُ قَتَلَ قَائِدًا كَانَ مَعَهُ أَحْسَنَ سِيرَةً، فَتَغَيَّرَتْ نِيَّاتُ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ، وَكَاتَبُوا عَمَّهُ عِيسَى، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَهَرَبَ وَصَعِدَ جَبَلَ أَبِي قُبَيْسَ، فَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَأَخَذَهُ أَصْحَابُ عِيسَى، وَقَتَلُوهُ، فَعَظُمَ عَلَيْهِ قَتْلُهُ، فَأَخَذَهُ وَغَسَّلَهُ وَدَفَنَهُ بِالْمُعَلَّى عِنْدَ أَبِيهِ فُلَيْتَةَ، وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ لِعِيسَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ، صَاحِبُ الْمَغْرِبِ، إِلَى جَبَلِ طَارِقٍ، وَهُوَ عَلَى سَاحِلِ الْخَلِيجِ مِمَّا يَلِي الْأَنْدَلُسَ، فَعَبَرَ الْمَجَازَ إِلَيْهِ، وَبَنَى عَلَيْهِ مَدِينَةً حَصِينَةً، وَأَقَامَ بِهَا عِدَّةَ شُهُورٍ، وَعَادَ إِلَى مَرَّاكُشَ.
وَفِيهَا فِي الْمُحَرَّمِ، وَرَدَ نَيْسَابُورَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ تُرْكُمَانَ بِلَادِ فَارِسَ وَمَعَهُمْ أَغْنَامٌ كَثِيرَةٌ لِلتِّجَارَةِ، فَبَاعُوهَا، وَأَخَذُوا الثَّمَنَ، وَسَارُوا وَنَزَلُوا عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ طَابِسَ كَنِكْلِي، وَنَامُوا هُنَاكَ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ، وَكَبَسُوهُمْ لَيْلًا، وَوَضَعُوا السَّيْفَ فِيهِمْ، فَقَتَلُوا وَأَكْثَرُوا، وَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ إِلَّا الشَّرِيدُ، وَغَنِمَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ جَمِيعَ مَا مَعَهُمْ مِنْ مَالٍ وَعَرُوضٍ، وَعَادُوا إِلَى قِلَاعِهِمْ.
وَفِيهَا كَثُرَتِ الْأَمْطَارُ فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ، وَلَا سِيَّمَا خُرَاسَانَ، فَإِنَّ الْأَمْطَارَ تَوَالَتْ فِيهَا مِنَ الْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ إِلَى مُنْتَصَفِ صَفَرَ لَمْ تَنْقَطِعْ، وَلَا رَأَى النَّاسُ فِيهَا شَمْسًا.
وَفِيهَا كَانَ بَيْنَ الْكَرَجِ وَبَيْنَ الْمَلِكِ صَلْتَقَ بْنِ عَلِيٍّ، صَاحِبِ أَرْزَنَ الرُّومِ، قِتَالٌ وَحَرْبٌ انْهَزَمَ فِيهِ صَلْتَقُ وَعَسْكَرُهُ، وَأُسِرَ هُوَ، وَكَانَتْ أُخْتُهُ شَاهْ بَانُوارَ قَدْ تَزَوَّجَهَا شَاهْ أَرْمَنْ سَكْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَكْمَانَ صَاحِبُ خِلَاطَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى مَلِكِ الْكَرَجِ هَدِيَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute