أَهْلُهَا، وَنَصَبَ الْمَجَانِيقَ وَالْعَرَّادَاتِ، فَصَبَرَ أَهْلُهَا خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْمُؤَيَّدِ، وَكَانَ مَعَهُ جَلَالُ الدِّينِ الْمُؤَيَّدُ الْمُوَفَّقِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، فَبَيْنَمَا هُوَ رَاكِبٌ إِذْ وَصَلَ إِلَيْهِ حَجَرُ مَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَهُ خَامِسَ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنَ السَّنَةِ، وَتَعَدَّى الْحَجَرُ مِنْهُ إِلَى شَيْخٍ مِنْ شُيُوخِ بَيْهَقَ، فَقَتَلَهُ، فَعَظُمَتِ الْمُصِيبَةُ بِقَتْلِ جَلَالِ الدِّينِ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ، خُصُوصًا أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَكَانَ فِي عُنْفُوَانِ شَبَابِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمَّا قُتِلَ.
وَدَامَ الْحِصَارُ إِلَى شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَنَزَلَ خَوَاجِكِيُّ صَاحِبُهَا بَعْدَمَا كَثُرَ الْقَتْلُ، وَدَامَ الْحَصْرُ، وَكَانَ لِهَذِهِ الْقَلْعَةِ ثَلَاثَةُ رُؤَسَاءَ هُمْ أَرْبَابُ النَّهْيِ وَالْأَمْرِ، وَهُمُ الَّذِينَ حَفِظُوهَا وَقَاتَلُوا عَنْهَا، أَحَدُهُمْ خَوَاجِكِيُّ هَذَا، وَالثَّانِي دَاعِي بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ أَخِي حَرْبٍ الْعَلَوِيُّ، وَالثَّالِثُ الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْعَلَوِيُّ الْفَارِسِيُّ، فَنَزَلُوا كُلُّهُمْ أَيْضًا إِلَى الْمُؤَيَّدِ أَيْ أَبَهْ، فَيِمَنَ مَعَهُمْ مِنْ أَشْيَاعِهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ. فَأَمَّا خَوَاجِكِيُّ فَإِنَّهُ أَثْبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ زَوْجَتَهُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا وَأَخَذَ مَالَهَا، فَقُتِلَ بِهَا وَمَلَكَ الْمُؤَيَّدُ شَارِسَتَانُ، وَصَفَتْ لَهُ، فَنَهَبَهَا عَسْكَرُهُ إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَقْتُلُوا امْرَأَةً وَلَا سَبَوْهَا.
ذِكْرُ مُلْكِ الْكَرَجِ مَدِينَةَ آنِي
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَعْبَانَ، اجْتَمَعَتِ الْكَرَجُ مَعَ مَلِكِهِمْ، وَسَارُوا إِلَى مَدِينَةِ آنِي مِنْ بِلَادِ أَرَّانَ، وَمَلَكُوهَا، وَقَتَلُوا فِيهَا خَلْقًا كَثِيرًا، فَانْتُدِبَ لَهُمْ شَاهْ أَرْمَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَكْمَانَ صَاحِبُ خِلَاطَ، وَجَمَعَ الْعَسَاكِرَ، وَاجْتَمَعَ مَعَهُ مِنَ الْمُتَطَوِّعَةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَسَارَ إِلَيْهِمْ، فَلَقُوهُ، وَقَاتَلُوهُ، فَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ، وَقُتِلَ أَكْثَرُهُمْ، وَأُسِرَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَعَادَ شَاهْ أَرْمَنُ مَهْزُومًا لَمْ يَرْجِعْ مَعَهُ غَيْرُ أَرْبَعِ مِائَةِ فَارِسٍ مِنْ عَسْكَرِهِ.
ذِكْرُ وِلَايَةِ عِيسَى مَكَّةَ حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى
كَانَ أَمِيرُ مَكَّةَ، هَذِهِ السَّنَةَ، قَاسِمُ بْنُ فُلَيْتَةَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ الْحَسَنِيُّ، فَلَمَّا سَمِعَ بِقُرْبِ الْحُجَّاجِ مِنْ مَكَّةَ صَادَرَ الْمُجَاوِرِينَ وَأَعْيَانَ أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَخَذَ كَثِيرًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَهَرَبَ مِنْ مَكَّةَ خَوْفًا مِنْ أَمِيرِ الْحَاجِّ أَرْغَشَ.
وَكَانَ قَدْ حَجَّ هَذِهِ السَّنَةَ زَيْنُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ بَكْتَكِينَ، صَاحِبُ جَيْشِ الْمَوْصِلِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute