للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَانْتَقَلَ الْأَمْرُ إِلَيْهِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ الْعَرَبِ وَعَسْكَرِ بَغْدَادَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، اجْتَمَعَتْ خَفَاجَةُ إِلَى الْحِلَّةِ وَالْكُوفَةِ، وَطَالَبُوا بِرُسُومِهِمْ مِنَ الطَّعَامِ وَالتَّمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَمَنَعَهُمْ أَمِيرُ الْحَاجِّ أَرْغَشُ، وَهُوَ مُقْطَعٌ الْكُوفَةَ، وَوَافَقَهُ عَلَى مَنْعِهِ الْأَمِيرُ قَيْصَرُ شِحْنَةُ الْحِلَّةِ، وَهُمَا مِنْ مَمَالِيكِ الْخَلِيفَةِ، فَأَفْسَدَتْ خَفَاجَةُ، وَنَهَبُوا سَوَادَ الْكُوفَةِ وَالْحِلَّةِ، فَأَسْرَى إِلَيْهِمُ الْأَمِيرَ قَيْصَرَ، شِحْنَةَ الْحِلَّةِ، فِي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَارِسًا، وَخَرَجَ إِلَيْهِ أَرْغَشُ فِي عَسْكَرٍ وَسِلَاحٍ، فَانْتَزَحَتْ خَفَاجَةُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ، وَتَبِعَهُمُ الْعَسْكَرُ إِلَى رَحْبَةِ الشَّامِ، فَأَرْسَلَ خَفَاجَةُ يَعْتَذِرُونَ وَيَقُولُونَ: قَدْ قَنِعْنَا بِلَبَنِ الْإِبِلِ وَخُبْزِ الشَّعِيرِ، وَأَنْتُمْ تَمْنَعُونَنَا رُسُومَنَا، وَطَلَبُوا الصُّلْحَ فَلَمْ يُجِبْهُمْ أَرَغْشُ وَقَيْصَرُ.

وَكَانَ قَدِ اجْتَمَعَ مَعَ خَفَاجَةَ كَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَتَصَافُّوا وَاقْتَتَلُوا، وَأَرْسَلَتِ الْعَرَبُ طَائِفَةً إِلَى خِيَامِ الْعَسْكَرِ وَرِحَالِهِمْ فَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا، وَحَمَلَ الْعَرَبُ حَمْلَةً مُنْكَرَةً، فَانْهَزَمَ الْعَسْكَرُ، وَقُتِلَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقُتِلَ الْأَمِيرُ قَيْصَرُ، وَأُسِرَتْ جَمَاعَةٌ أُخْرَى، وَجُرِحَ أَمِيرُ الْحَاجِّ جِرَاحَةً شَدِيدَةً، وَدَخَلَ الرَّحْبَةَ، فَحَمَاهُ شَيْخُهَا وَأَخَذَ لَهُ الْأَمَانَ وَسَيَّرَهُ إِلَى بَغْدَادَ، وَمَنْ نَجَا مَاتَ عَطَشًا فِي الْبَرِّيَّةِ.

وَكَانَ إِمَاءُ الْعَرَبِ يَخْرُجْنَ بِالْمَاءِ يَسْقِينَ الْجَرْحَى، فَإِذَا طَلَبَهُ مِنْهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْعَسْكَرِ أَجْهَزْنَ عَلَيْهِ، وَكَثُرَ النَّوْحُ وَالْبُكَاءُ بِبَغْدَادَ عَلَى الْقَتْلَى، وَتَجَهَّزَ الْوَزِيرُ عَوْنُ الدِّينِ بْنُ هُبَيْرَةَ وَالْعَسَاكِرُ مَعَهُ، فَخَرَجَ فِي طَلَبِ خَفَاجَةَ، فَدَخَلُوا الْبَرَّ وَخَرَجُوا إِلَى الْبَصْرَةِ، وَلَمَّا دَخَلُوا الْبَرَّ عَادَ الْوَزِيرُ إِلَى بَغْدَادَ، وَأَرْسَلَ بَنُو خَفَاجَةَ يَعْتَذِرُونَ، وَيَقُولُونَ: بُغِيَ عَلَيْنَا، وَفَارَقْنَا الْبِلَادَ، فَتَبِعُونَا وَاضْطُرِرْنَا إِلَى الْقِتَالِ، وَسَأَلُوا الْعَفْوَ عَنْهُمْ، فَأَجِيبُوا إِلَى ذَلِكَ.

ذِكْرُ حَصْرِ الْمُؤَيَّدِ شَارِسَتَانَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ حَصَرَ الْمُؤَيَّدُ أَيْ أَبَهْ مَدِينَةَ شَارِسَتَانَ قُرْبَ نَيْسَابُورَ، وَقَاتَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>