للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ الْعَطَاءَ الْكَثِيرَ، بَلَغَهُ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ الدَّهَّانِ النَّحْوِيَّ الْبَغْدَادِيَّ الْمُقَيَّمَ بِالْمَوْصِلِ قَدْ شَرَحَ بَيْتًا مِنْ شِعْرِهِ وَهُوَ هَذَا:

تَجَنَّبَ سَمْعِي مَا يَقُولُ الْعَوَاذِلُ ... وَأَصْبَحَ لِي شُغْلٌ مِنَ الْغَزْوِ شَاغِلٌ

فَجَهَّزَ إِلَيْهِ هَدِيَّةً سَنِّيَّةً لِيُرْسِلَهَا إِلَيْهِ، فَقُتِلَ قَبْلَ إِرْسَالِهَا.

وَبَلَغَهُ أَيْضًا أَنَّ إِنْسَانًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَوْصِلِ قَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ بِمَكَّةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ كِتَابًا يَشْكُرُهُ وَمَعَهُ هَدِيَّةٌ.

وَكَانَ الصَّالِحُ إِمَامِيًّا لَمْ يَكُنْ عَلَى مَذْهَبِ الْعَلَوِيِّينَ الْمِصْرِيِّينَ، وَلَمَّا وَلِيَ الْعَاضِدُ الْخِلَافَةَ، سَمِعَ الصَّالِحُ ضَجَّةً عَظِيمَةً، فَقَالَ: مَا الْخَبَرُ؟ فَقِيلَ: إِنَّهُمْ يَفْرَحُونَ بِالْخَلِيفَةِ، فَقَالَ: كَأَنِّي بِهَؤُلَاءِ الْجَهَلَةِ وَهُمْ يَقُولُونَ مَا مَاتَ الْأَوَّلُ حَتَّى اسْتَخْلَفَ هَذَا، وَمَا عَلِمُوا أَنَّنِي كُنْتُ مِنْ سَاعَةٍ أَسْتَعْرِضُهُمُ اسْتِعْرَاضَ الْغَنَمِ.

قَالَ عُمَارَةُ: دَخَلْتُ إِلَى الصَّالِحِ قَبْلَ قَتْلِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَنَاوَلَنِي قِرْطَاسًا فِيهِ بَيْتَانِ مِنْ شِعْرِهِ وَهُمَا:

نَحْنُ فِي غَفْلَةٍ وَنَوْمٍ وَلِلَمَوْ ... تِ عُيُونٌ يَقْظَانَةٌ لَا تَنَامُ

قَدْ رَحَلْنَا إِلَى الْحِمَامِ سِنِينًا ... لَيْتَ شِعْرِي مَتَى يَكُونُ الْحِمَامُ

فَكَانَ آخِرَ عَهْدِي بِهِ.

وَقَالَ عُمَارَةُ أَيْضًا: وَمِنْ عَجِيبِ الِاتِّفَاقِ أَنَّنِي أَنْشَدْتُ ابْنَهُ قَصِيدَةً أَقُولُ فِيهَا:

أَبُوكَ الذِي تَسْطُو اللَّيَالِي بِحَدِّهِ ... وَأَنْتَ يَمِينٌ إِنْ سَطَا وَشِمَالُ

لِرُتْبَتِهِ الْعُظْمَى وَإِنْ طَالَ عُمْرُهُ ... إِلَيْكَ مَصِيرٌ وَاجِبٌ وَمَنَالُ

تُخَالِسُكَ اللَّحْظَ الْمَصُونَ وَدُونَهَا ... حِجَابٌ شَرِيفٌ لَا انْقَضَا وَحِجَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>