للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَزَلْتُ بِهَذَا الْمَسْجِدِ الْعَامَ قَافِلًا ... مِنَ الْغَزْوِ مَوْفُورَ النَّصِيبِ مِنَ الْأَجْرِ

وَمِنْهُ رَحَلْتُ الْعِيسَ فِي عَامِيَ الَّذِي ... مَضَى نَحْوَ بَيْتِ اللَّهِ وَالرُّكْنِ وَالْحِجْرِ

فَأَدَّيْتُ مَفْرُوضِي وَأَسْقَطْتُ ثِقْلَ مَا ... تَحَمَّلْتُ مِنْ وِزْرِ الشَّبِيبَةِ عَنْ ظَهْرِي

ذِكْرُ مُلْكِ الْخَلِيفَةِ قَلْعَةَ الْمَاهِكِيِّ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَجَبَ، مَلَكَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَنْجِدُ بِاللَّهِ قَلْعَةَ الْمَاهِكِيِّ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ سُنْقُرَ الْهَمَذَانِيَّ، صَاحِبَهَا، سَلَّمَهَا إِلَى أَحَدِ مَمَالِيكِهِ وَمَضَى إِلَى هَمَذَانَ، فَضَعُفَ هَذَا الْمَمْلُوكُ عَنْ مُقَاوَمَةِ مَنْ حَوْلَهَا مِنَ التُّرْكُمَانِ وَالْأَكْرَادِ، فَأُشِيرَ عَلَيْهِ بِبَيْعِهَا مِنَ الْخَلِيفَةِ، فَرَاسَلَ فِي ذَلِكَ، فَاسْتَقَرَّتْ [عَلَى] خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ وَسِلَاحٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْتِعَةِ، وَعِدَّةِ مِنَ الْقُرَى، فَسَلَّمَهَا وَتَسَلَّمَ مَا اسْتَقَرَّ لَهُ، وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ. وَهَذِهِ الْقَلْعَةُ لَمْ تَزَلْ مِنْ أَيَّامِ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ بِأَيْدِي التُّرْكُمَانِ وَالْأَكْرَادِ وَإِلَى الْآنِ.

ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَرَجِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَعْبَانَ، اجْتَمَعَتِ الْكَرَجُ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ يَبْلُغُونَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ، وَدَخَلُوا بِلَادَ الْإِسْلَامِ، وَقَصَدُوا مَدِينَةَ دُوِينَ مِنْ أَذْرَبِيجَانَ، فَمَلَكُوهَا وَنَهَبُوهَا، وَقَتَلُوا مَنْ أَهْلِهَا وَسَوَادِهَا نَحْوَ عَشَرَةِ آلَافِ قَتِيلٍ، وَأَخَذُوا النِّسَاءَ سَبَايَا، وَأَسَرُوا كَثِيرًا، وَأَعْرُوا النِّسَاءَ وَقَادُوهُنَّ حُفَاةً عُرَاةً، وَأَحْرَقُوا الْجَوَامِعَ وَالْمَسَاجِدَ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى بِلَادِهِمْ أَنْكَرَ نِسَاءُ الْكَرَجِ مَا فَعَلُوا بِنِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَقُلْنَ لَهُمْ: قَدْ أَحْوَجْتُمُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى أَنْ يَفْعَلُوا بِنَا مِثْلَ مَا فَعَلْتُمْ بِنِسَائِهِمْ، وَكَسَوْنَهُنَّ.

وَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى شَمْسِ الدِّينِ إِيلْدِكْزَ، صَاحِبِ أَذْرَبِيجَانَ وَالْجَبَلِ وَأَصْفَهَانَ، جَمَعَ عَسَاكِرَهُ وَحَشَدَهَا، وَانْضَافَ إِلَيْهِ شَاهْ أَرْمَنْ بْنُ سَكْمَانَ الْقُطْبِيُّ، صَاحِبُ خِلَاطَ، وَابْنُ آقَنَسْقَرَ، صَاحِبُ مَرَاغَةَ وَغَيْرِهَا، فَاجْتَمَعُوا فِي عَسْكَرٍ كَثِيرٍ يَزِيدُونَ عَلَى خَمْسِينَ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، وَسَارُوا إِلَى بِلَادِ الْكَرَجِ فِي صَفَرَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] وَنَهَبُوهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>