وَكَانَ يُعَظِّمُ أَمْرَ الدِّينِ وَيُقَوِّيهِ، وَيُلْزِمُ النَّاسَ فِي سَائِرِ بِلَادِهِ بِالصَّلَاةِ، وَمَنْ رُئِيَ وَقْتَ الصَّلَاةِ غَيْرَ مُصَلٍّ قُتِلَ، وَجَمَعَ النَّاسَ بِالْغَرْبِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْفُرُوعِ، وَعَلَى مَذْهَبِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ فِي الْأُصُولِ، وَكَانَ الْغَالِبُ عَلَى مَجْلِسِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، الْمَرْجِعُ إِلَيْهِمْ، وَالْكَلَامُ مَعَهُمْ وَلَهُمْ.
ذِكْرُ مُلْكِ الْمُؤَيَّدِ أَعْمَالَ قُومَسَ وَالْخُطْبَةِ لِلسُّلْطَانِ أَرْسِلَان بِخُرَاسَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ الْمُؤَيَّدُ أَيْ أَبَهْ، صَاحِبُ نَيْسَابُورَ، إِلَى بِلَادِ قُومَسَ، فَمَلَكَ بَسْطَامَ وَدَامِغَانَ، وَاسْتَنَابَ بِقُومَسَ مَمْلُوكَهُ تِنْكِزَ، فَأَقَامَ تِنْكِزُ بِمَدِينَةِ بَسْطَامَ، فَجَرَى بَيْنَ تِنْكِزَ وَبَيْنَ شَاهْ مَازَنْدَرَانْ اخْتِلَافٌ أَدَّى إِلَى الْحَرْبِ، فَجَمَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَسْكَرَهُ، وَالْتَقَوْا أَوَائِلَ ذِي الْحِجَّةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ مَازَنْدَرَانْ، وَأُخِذَتْ أَسَلَابُهُمْ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ.
وَلَمَّا مَلَكَ الْمُؤَيَّدُ بِلَادَ قُومَسَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ أَرْسِلَان بْنُ طُغْرُلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ خِلَعًا نَفِيسَةً، وَأَلْوِيَةً مَعْقُودَةً، وَهَدِيَّةً جَلِيلَةً، وَأَمَرَهُ أَنْ يَهْتَمَّ بِاسْتِيعَابِ بِلَادِ خُرَاسَانَ وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ أَجْمَعَ، وَأَنْ يَخْطُبَ لَهُ، فَلَبِسَ الْمُؤَيَّدُ الْخِلَعَ، فَخَطَبَ لَهُ فِي الْبِلَادِ الَّتِي هِيَ بِيَدِهِ.
وَكَانَ السَّبَبُ فِي هَذَا أَتَابِكَ شَمْسَ الدِّينِ إِيلْدِكْزَ، فَإِنَّهُ كَانَ هُوَ الَّذِي يَحْكُمُ فِي مَمْلَكَةِ أَرْسِلَان، وَلَيْسَ لِأَرْسِلَانْ غَيْرُ الِاسْمِ، وَكَانَ بَيْنَ إِيلْدِكْزَ وَبَيْنَ الْمُؤَيَّدِ مَوَدَّةٌ ذَكَرْنَاهُ عِنْدَ قَتْلِ الْمُؤَيَّدِ، فَلَمَّا أَطَاعَ الْمُؤَيَّدُ السُّلْطَانَ أَرْسِلَان خَطَبَ لَهُ بِبِلَادِهِ، وَهِيَ بِلَادُ قُومَسَ، وَنَيْسَابُورَ، وَطُوسَ، وَأَعْمَالُ نَيْسَابُورَ جَمِيعُهَا، وَمِنْ نَسَا إِلَى طَبَسَ كَنْكَلِي، وَكَانَ يَخْطُبُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ أَرْسِلَان، وَكَانَتِ الْخُطْبَةُ فِي جُرْجَانَ وَدِهِسْتَانَ لِخُوَارَزْم شَاهْ أَيْل أَرْسِلَان بْنِ أَتْسِزَ، وَبَعْدَهُ لِلْأَمِيرِ إِيثَاقَ، وَكَانَتِ الْخُطْبَةُ فِي مَرْوَ وَبَلْخَ وَهَرَاةَ وَسَرَخْسَ، وَهَذِهِ الْبِلَادُ بِيَدِ الْغُزِّ، إِلَّا هَرَاةَ فَإِنَّهَا كَانَتْ بِيَدِ الْأَمِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute