للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْيَوْمَ بَرَّدَ اللَّهُ جِلْدَ وَالِدَكَ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ.

ذِكْرُ أَخْذِ الْأَتْرَاكِ غَزْنَةَ مَنْ مَلِكْشَاهْ وَعَوْدِهِ إِلَيْهَا

فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَصَدَ بِلَادَ غَزْنَةَ الْأَتْرَاكُ الْمَعْرُوفُونَ بِغُزٍّ، وَنَهَبُوهَا، وَخَرَّبُوهَا، وَقَصَدُوا غَزْنَةَ وَبِهَا صَاحِبُهَا مَلِكْشَاهْ بْنُ خُسْرُوشَاهِ الْمَحْمُودِيُّ، فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِمْ، فَفَارَقَهَا وَسَارَ إِلَى مَدِينَةِ لَهَاوُورَ، وَمَلَكَ الْغُزُّ مَدِينَةَ غَزْنَةَ، وَكَانَ الْقَيِّمُ بِأَمْرِهِمْ أَمِيرٌ اسْمُهُ زَنْكِي بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلِيفَةَ الشَّيْبَانِيُّ، ثُمَّ إِنَّ صَاحِبَهَا مَلِكْشَاهْ جَمَعَ وَعَادَ إِلَى غَزْنَةَ، فَفَارَقَهَا زَنْكِي وَعَادَ مَلِكُهَا مَلِكْشَاهْ وَدَخَلَهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَتَمَكَّنَ فِي دَارِ مُلْكِهِ.

ذِكْرُ وَفَاةِ جَمَالِ الدِّينِ الْوَزِيرِ وَشَيْءٍ مِنْ سِيرَتِهِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ جَمَالُ الدِّينِ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ الْأَصْفَهَانِيُّ، وَزِيرُ قُطْبِ الدِّينِ، صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، فِي شَعْبَانَ مَقْبُوضًا، وَكَانَ قَدْ قُبِضَ عَلَيْهِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ، فَبَقِيَ فِي الْحَبْسِ نَحْوَ سَنَةٍ.

حَكَى لِي إِنْسَانٌ صُوفِيٌّ يُقَالُ لَهُ أَبُو الْقَاسِمِ كَانَ مُخْتَصًّا بِخِدْمَتِهِ فِي الْحَبْسِ، قَالَ: لَمْ يَزَلْ مَشْغُولًا فِي مَحْبِسِهِ بِأَمْرِ آخِرَتِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: كُنْتُ أَخْشَى أَنْ أُنْقَلَ مِنَ الدَّسْتِ إِلَى الْقَبْرِ، فَلَمَّا مَرِضَ قَالَ لِي فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ! إِذَا جَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ إِلَى الدَّارِ، فَعَرِّفْنِي. قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي قَدِ اخْتَلَطَ عَقْلُهُ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَكْثَرَ السُّؤَالَ عَنْهُ، وَإِذَا طَائِرٌ أَبْيَضُ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَدْ سَقَطَ، فَقُلْتُ: جَاءَ الطَّائِرُ، فَاسْتَبْشَرَ، ثُمَّ قَالَ: جَاءَ الْحَقُّ، وَأَقْبَلَ عَلَى الشَّهَادَةِ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ طَارَ ذَلِكَ الطَّائِرُ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ رَأَى شَيْئًا فِي مَعْنَاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>