صَاحِبِ نَيْسَابُورَ، بَعْدَ تَمَكُّنِ الْوَحْشَةِ بَيْنَهُمَا، فَقَبِلَهُ الْمُؤَيَّدُ وَسَيَّرَ إِلَيْهِ جَيْشًا كَثِيفًا، فَأَقَامُوا عِنْدَهُ حَتَّى دَفَعَ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَبَلَدِهِ مِنْ جِهَةِ طَبَرِسْتَانَ.
وَأَمَّا دِهِسْتَانُ فَإِنَّ عَسْكَرَ خُوَارَزْمَ غَلَبُوا عَلَيْهَا وَصَارَ لَهُمْ فِيهَا شِحْنَةٌ.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ الْمُؤَيَّدِ عَلَى هَرَاةَ
قَدْ ذَكَرْنَا قَتْلَ صَاحِبِ هَرَاةَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] ، فَلَمَّا قُتِلَ تَجَهَّزَ الْأُمَرَاءُ الْغُزِّيَّةُ وَسَارُوا إِلَى هَرَاةَ وَحَصَرُوهَا، وَقَدْ تَوَلَّى أَمْرَهَا إِنْسَانٌ يُلَقَّبُ أَثِيرَ الدِّينِ، وَكَانَ لَهُ مَيْلٌ إِلَى الْغُزِّ، وَهُوَ يُحَارِبُهُمْ ظَاهِرًا، وَيُرَاسِلُهُمْ بَاطِنًا، فَهَلَكَ لِهَذَا السَّبَبِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ هَرَاةَ، فَاجْتَمَعَ أَهْلُهَا فَقَتَلُوهُ، وَقَامَ مَقَامَهُ أَبُو الْفُتُوحِ عَلِيُّ بْنُ فَضْلِ اللَّهِ الطُّغْرَائِيُّ، فَأَرْسَلَ أَهْلُهَا إِلَى الْمُؤَيَّدِ أَيْ أَبَهْ، صَاحِبِ نَيْسَابُورَ، بِالطَّاعَةِ وَالِانْقِيَادِ إِلَيْهِ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ مَمْلُوكَهُ سَيْفَ الدِّينِ تِنْكِزَ فِي جَيْشٍ، وَسَيَّرَ جَيْشًا آخَرَ أَغَارُوا عَلَى سَرْخَسَ، وَمَرْوَ، فَأَخَذُوا دَوَابَّ الْغُزِّ وَعَادُوا سَالِمِينَ، فَلَمَّا سَمِعَ الْغُزُّ بِذَلِكَ رَحَلُوا عَنْ هَرَاةَ إِلَى مَرْوَ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ قَلْجِ أَرْسِلَان وَبَيْنَ ابْنِ دَانِشْمَنْدَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ الْمَلِكِ قَلْجِ أَرْسِلَان بْنِ مَسْعُودِ بْنِ قَلْجِ أَرْسِلَان، صَاحِبِ قُونِيَةَ وَمَا يُجَاوِرُهَا مِنْ بَلَدِ الرُّومِ، وَبَيْنَ يَاغِي أَرْسِلَان بْنِ دَانِشْمَنْدَ، صَاحِبِ مَلَطْيَةَ وَمَا يُجَاوِرُهَا مِنْ بَلَدِ الرُّومِ، وَجَرَى بَيْنَهُمَا حَرْبٌ شَدِيدَةٌ.
وَسَبَبُهَا أَنْ قَلْجَ أَرْسِلَان تَزَوَّجَ ابْنَةَ الْمَلِكِ صَلِيقَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، فَسُيِّرَتِ الزَّوْجَةُ إِلَى قَلْجِ أَرْسِلَان مَعَ جَهَازٍ كَثِيرٍ لَا يُعْلَمُ قَدْرُهُ، وَأَغَارَ يَاغِي أَرْسِلَان صَاحِبُ مَلَطْيَةَ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ الْعَرُوسَ وَمَا مَعَهَا وَأَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِابْنِ أَخِيهِ ذِي النُّونِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَانِشْمَنْدَ، فَأَمَرَهَا بِالرِّدَّةِ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَفَعَلَتْ ; لِيَنْفَسِخَ النِّكَاحُ مِنْ قَلْجِ أَرْسِلَان، ثُمَّ عَادَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَزَوَّجَهَا مِنِ ابْنِ أَخِيهِ، فَجَمَعَ قَلْجُ أَرْسِلَان عَسْكَرَهُ وَسَارَ إِلَى ابْنِ دَانِشْمَنْدَ، فَالْتَقَيَا وَاقْتَتَلَا، فَانْهَزَمَ قَلْجُ أَرْسِلَان، وَالْتَجَأَ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَاسْتَنْصَرَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ جَيْشًا كَثِيرًا، فَمَاتَ يَاغِي أَرْسِلَان بْنُ دَانِشْمَنْدَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ، وَمَلَكَ قَلْجُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute