للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْسِلَان بَعْضَ بِلَادِهِ، وَاصْطَلَحَ هُوَ وَالْمَلِكُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَانِشْمَنْدَ، لِأَنَّهُ مَلَكَ الْبِلَادَ بَعْدَ عَمِّهِ يَاغِي أَرْسِلَان، وَاسْتَوْلَى ذُو النُّونِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَانِشْمَنْدَ عَلَى مَدِينَةِ قَيْسَارِيَّةَ، وَمَلَكَ شَاهَان شَاهْ بْنُ مَسْعُودٍ أَخُو قَلْجِ أَرْسِلَان عَلَى مَدِينَةِ أَنْكُورِيَّةَ وَاسْتَقَرَّتِ الْقَوَاعِدُ بَيْنَهُمْ وَاتَّفَقُوا.

ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بَيْنَ نُورِ الدِّينِ وَقَلْجِ أَرْسِلَان

فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ وَحْشَةٌ مُتَأَكَّدَةٌ بَيْنَ نُورِ الدِّينِ مَحْمُودِ بْنِ زَنْكِي، صَاحِبِ الشَّامِ، وَبَيْنَ قَلْجِ أَرْسِلَان بْنِ مَسْعُودِ بْنِ قَلْجِ أَرْسِلَان، صَاحِبِ الرُّومِ، أَدَّتْ إِلَى الْحَرْبِ وَالتَّضَاغُنِ، فَلَمَّا بَلَغَ خَبَرُهَا إِلَى مِصْرَ كَتَبَ الصَّالِحُ بْنُ رُزَّيْكَ، وَزِيرُ صَاحِبِ مِصْرَ، إِلَى قَلْجِ أَرْسِلَان يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، وَيَأْمُرُهُ بِمُوَافَقَتِهِ، وَكَتَبَ فِيهِ شِعْرًا:

نَقُولُ وَلَكِنْ أَيْنَ مَنْ يَتَفَهَّمُ ... وَيَعْلَمُ وَجْهَ الرَّأْيِ وَالرَّأْيُ مُبْهَمُ

وَمَا كُلُّ مَنْ قَاسَ الْأُمُورَ وَسَاسَهَا ... يُوَفَّقُ لِلْأَمْرِ الَّذِي هُوَ أَحْزَمُ

وَمَا أَحَدٌ فِي الْمُلْكِ يَبْقَى مُخَلَّدًا ... وَمَا أَحَدٌ مِمَّا قَضَى اللَّهُ يَسْلَمُ

أَمِنْ بَعْدِ مَا ذَاقَ الْعِدَى طَعْمَ حَرْبِكُمْ

[بِفَيْهِمْ وَكَانَتْ] وَهِيَ صَابٌ وَعَلْقَمُ ... رَجَعْتُمْ إِلَى حُكْمِ التَّنَافُسِ بَيْنَكُمْ

وَفِيكُمْ مِنَ الشَّحْنَاءِ نَارٌ تُضْرَمُ ... أَمَا عِنْدَكُمْ مَنْ يَتَّقِي اللَّهَ وَحْدَهُ

أَمَا فِي رَعَايَاكُمْ مِنَ النَّاسِ مُسْلِمُ ... تَعَالَوْا لَعَلَّ اللَّهَ يَنْصُرُ دِينَهُ

إِذَا مَا نَصَرْنَا الدِّينَ نَحْنُ وَأَنْتُمُ ... وَنَنْهَضُ نَحْوَ الْكَافِرِينَ بِعَزْمَةٍ

بِأَمْثَالِهَا تُحْوَى الْبِلَادُ وَتُقْسَمُ

وَهِيَ أَطْوَلُ مِنْ هَذِهِ، هَكَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ الْحَادِثَةَ وَأَنَّ الصَّالِحَ أَرْسَلَ بِهَذَا الشِّعْرِ، فَإِنْ كَانَ الشِّعْرُ لِلصَّالِحِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْحَادِثَةُ قَبْلَ هَذَا التَّارِيخِ، لِأَنَّ الصَّالِحَ قُتِلَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] فِي رَمَضَانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الشِّعْرُ لَهُ فَالْحَادِثَةُ فِي هَذَا التَّارِيخِ، (وَيُحْتَمَلُ) أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّنَافُسُ كَانَ أَيَّامَ الصَّالِحِ (فَكَتَبَ الْأَبِيَّاتِ ثُمَّ) امْتَدَّ إِلَى الْآنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>