ذِكْرُ قَصْدِ شُمْلَةَ الْعِرَاقَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَصَلَ شُمْلَةُ صَاحِبُ خُوزَسْتَانَ إِلَى قَلْعَةِ الْمَاهِكِيِّ، مِنْ أَعْمَالِ بَغْدَادَ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَنْجِدِ بِاللَّهِ يَطْلُبُ شَيْئًا مِنَ الْبِلَادِ، وَيَشْتَطُّ فِي الطَّلَبِ، فَسَيَّرَ الْخَلِيفَةُ أَكْثَرَ عَسَاكِرِهِ إِلَيْهِ ; لِيَمْنَعُوهُ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيَّ يَلُومُهُ، وَيُحَذِّرُهُ عَاقِبَةَ فِعْلِهِ، فَاعْتَذَرَ بِأَنَّ إِيلْدِكْزَ وَالسُّلْطَانَ أَرْسِلَان شَاهْ أَقْطَعَا الْمَلِكَ الَّذِي عِنْدَهُ، وَهُوَ وَلَدُ مَلِكْشَاهْ، الْبَصْرَةَ وَوَاسِطًا وَالْحِلَّةَ، وَعَرَضَ التَّوْقِيعَ بِذَلِكَ، وَقَالَ: أَنَا أَقْنَعُ بِثُلُثِ ذَلِكَ، فَعَادَ الدِّمَشْقِيُّ بِذَلِكَ، فَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بَلَعْنِهِ، وَأَنَّهُ مِنَ الْخَوَارِجِ، وَجُمِعَتِ الْعَسَاكِرُ وَسُيَّرَتِ إِلَى أَرَغْشَ الْمُسْتَرْشِدِيِّ، وَكَانَ بِالنُّعْمَانِيَّةِ هُوَ وَشَرَفُ الدِّينِ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْبَلَدِيِّ، نَاظِرُ وَاسِطٍ، مُقَابِلَ شُمْلَةَ.
ثُمَّ إِنَّ شُمْلَةَ أَرْسَلَ قَلْجَ ابْنَ أَخِيهِ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْعَسْكَرِ ; لِقِتَالِ طَائِفَةٍ مِنَ الْأَكْرَادِ، فَرَكِبَ أَرْغَشُ فِي بَعْضِ الْعَسْكَرِ الَّذِي عِنْدَهُ، وَسَارَ إِلَى قَلْجَ، فَحَارَبَهُ، فَأَسَرَ قَلْجَ وَبَعْضَ أَصْحَابِهِ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى بَغْدَادَ، وَبَلَغَ شُمْلَةَ، وَطَلَبَ الصُّلْحَ، فَلَمْ تَقَعِ الْإِجَابَةُ إِلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ أَرْغَشَ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ بَعْدَ الْوَقْعَةِ، فَمَاتَ وَبَقِيَ شُمْلَةُ مُقِيمًا مُقَابِلَ عَسْكَرِ الْخَلِيفَةِ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ رَحَلَ وَعَادَ إِلَى بِلَادِهِ، وَكَانَتْ مُدَّةُ سَفَرِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَصَى غَازِي بْنُ حَسَّانٍ الْمَنْبِجِيُّ عَلَى نُورِ الدِّينِ مَحْمُودِ بْنِ زَنْكِي صَاحِبِ الشَّامِ، وَكَانَ نُورُ الدِّينِ قَدْ أَقْطَعَهُ مَدِينَةَ مَنْبِجٍ، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ فِيهَا، فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ عَسْكَرًا، فَحَصَرُوهُ، وَأَخَذُوهَا مِنْهُ، وَأَقْطَعَهَا نُورُ الدِّينِ أَخَاهُ قُطْبَ الدِّينِ يَنَالَ بْنَ حَسَّانٍ، وَكَانَ عَادِلًا، خَيِّرًا، مُحْسِنًا إِلَى الرَّعِيَّةِ، جَمِيلَ السِّيرَةِ، فَبَقِيَ فِيهَا إِلَى أَنْ أَخَذَهَا مِنْهُ صَلَاحُ الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ فَخْرُ الدِّينِ قُرَا أَرْسِلَان بْنُ دَاوُدَ بْنِ سَقْمَانَ بْنِ أَرْتَقَ صَاحِبُ حِصْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute