مَحَبَّتَهُ وَوَلَاءَهُ، وَيَسْأَلُهُ الدُّخُولَ فِي طَاعَتِهِ، وَضَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا وَيَجْمَعَ الْكَلِمَةَ بِمِصْرَ عَلَى طَاعَتِهِ، وَبَذَلَ مَالًا يَحْمِلُهُ كُلَّ سَنَةٍ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَحَمَلَ إِلَيْهِ مَالًا جَزِيلًا، فَبَقِيَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَصَدَ الْفِرِنْجُ مِصْرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَكَانَ مَا نَذْكُرُهُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ مُلْكِ نُورِ الدِّينِ صَافَيْثَا وَعُرَيْمَةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ جَمَعَ نُورُ الدِّينِ الْعَسَاكِرَ، فَسَارَ إِلَيْهِ أَخُوهُ قُطْبُ الدِّينِ مِنَ الْمَوْصِلِ وَغَيْرِهِ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى حِمْصَ، فَدَخَلَ نُورُ الدِّينِ بِالْعَسَاكِرِ بِلَادَ الْفِرِنْجِ، فَاجْتَازُوا عَلَى حِصْنِ الْأَكْرَادِ، فَأَغَارُوا وَنَهَبُوا، وَقَصَدُوا عِرْقَةَ، فَنَازَلُوهَا، وَحَصَرُوهَا، وَحَصَرُوا حَلْبَةَ وَأَخَذُوهَا وَخَرَّبُوهَا، وَسَارَتْ عَسَاكِرُ الْمُسْلِمِينَ فِي بِلَادِهِمْ يَمِينًا وَشِمَالًا تُغِيرُ وَتُخَرِّبُ الْبِلَادَ، وَفَتَحُوا الْعُرَيْمَةَ وَصَافَيْثَا، وَعَادُوا إِلَى حِمْصَ فَصَامُوا بِهَا رَمَضَانَ.
ثُمَّ سَارُوا إِلَى بَانِيَاسَ، وَقَصَدُوا حِصْنَ هُونِينَ، وَهُوَ لِلْفِرِنْجِ أَيْضًا، مِنْ أَمْنَعِ حُصُونِهِمْ وَمَعَاقِلِهِمْ، فَانْهَزَمَ الْفِرِنْجُ عَنْهُ وَأَحْرَقُوهُ، فَوَصَلَ نُورُ الدِّينِ مِنَ الْغَدِ فَهَدَمَ سُورَهُ جَمِيعَهُ، وَأَرَادَ الدُّخُولَ إِلَى بَيْرُوتَ، فَتَجَدَّدَ فِي الْعَسْكَرِ خُلْفٌ أَوْجَبَ التَّفَرُّقَ، فَعَادَ قُطْبُ الدِّينِ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَأَعْطَاهُ نُورُ الدِّينِ مَدِينَةَ الرَّقَّةِ عَلَى الْفُرَاتِ، وَكَانَتْ لَهُ، فَأَخَذَهَا فِي طَرِيقِهِ وَعَادَ إِلَى الْمَوْصِلِ.
ذِكْرُ قَصْدِ ابْنِ سَنْكَا الْبَصْرَةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَادَ ابْنُ سَنْكَا فَقَصَدَ الْبَصْرَةَ، وَنَهَبَ بَلَدَهَا وَخَرَّبَهُ مِنَ الْجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ، وَسَارَ إِلَى مَطَارَا، فَخَرَجَ إِلَيْهِ كَمُشْتَكِينُ، صَاحِبُ الْبَصْرَةِ، وَوَاقَعَهُ وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا صَبَرَ فِيهِ الْفَرِيقَانِ، ثُمَّ انْهَزَمَ كَمُشْتَكِينُ إِلَى وَاسِطٍ، فَاجْتَمَعَ بِشَرَفِ الدِّينِ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ الْبَلَدِيِّ النَّاظِرِ فِيهَا، وَمَعَهُمَا مُقْطِعُهُمَا أَرْغَشُ، وَاتَّصَلَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ ابْنَ سَنْكَا وَاصِلٌ إِلَى وَاسِطٍ، فَخَافَ النَّاسُ مِنْهُ خَوْفًا شَدِيدًا، فَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute