ذِكْرُ عُبُورِ الْخَطَا جَيْحُونَ وَالْحَرْبِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خُوَارَزْم شَاهْ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبَرَ الْخَطَا نَهْرَ جَيْحُونَ يُرِيدُونَ خُوَارَزْمَ، فَسَمِعَ صَاحِبُهَا خُوَارَزْم شَاهْ أَرْسِلَان بْنُ أَتْسِزَ، فَجَمَعَ عَسَاكِرَهُ وَسَارَ إِلَى آمِوِيَّةَ ; لِيُقَاتِلَهُمْ وَيَصُدَّهُمْ، فَمَرِضَ، وَأَقَامَ بِهَا، وَسَيَّرَ بَعْضَ جَيْشِهِ مَعَ أَمِيرٍ كَبِيرٍ إِلَيْهِمْ، فَلَقِيَهُمْ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَ الْخُوَارَزْمِيُّونَ، وَأُسِرَ مُقَدَّمُهُمْ، وَرَجَعَ بِهِ الْخَطَا إِلَى مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَعَادَ خُوَارَزْم شَاهْ إِلَى خُوَارَزْمَ مَرِيضًا.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اتَّخَذَ نُورُ الدِّينِ بِالشَّامِ الْحَمَامَ الْهَوَادِيَّ، وَهِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْمَنَاسِيبُ، وَهِيَ تَطِيرُ مِنَ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ إِلَى أَوْكَارِهَا، وَجَعَلَهَا فِي جَمِيعِ بِلَادِهِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اتَّسَعَتْ بِلَادُهُ، وَطَالَتْ مَمْلَكَتُهُ، وَعَرُضَتْ أَكْنَافُهَا، وَتَبَاعَدَتْ أَوَائِلُهَا عَنْ أَوَاخِرِهَا، ثُمَّ إِنَّهَا جَاوَرَتْ بِلَادَ الْفِرِنْجِ، وَكَانُوا رُبَّمَا نَازَلُوا حِصْنًا مِنْ ثُغُورِهِ، فَإِلَى أَنْ يَصِلَ الْخَبَرُ، وَيَسِيرَ إِلَيْهِمْ [يَكُونُونَ] قَدْ بَلَغُوا غَرَضَهُمْ مِنْهُ، فَأَمَرَ بِالْحَمَامِ ; لِيَصِلَ الْخَبَرُ إِلَيْهِ فِي يَوْمِهِ، وَأَجْرَى الْجِرَايَاتِ عَلَى الْمُرَتَّبِينَ لِحِفْظِهَا وَإِقَامَتِهَا، فَحَصَلَ مِنْهَا الرَّاحَةُ الْعَظِيمَةُ، وَالنَّفْعُ الْكَبِيرُ لِلْمُسْلِمِينَ.
وَفِيهَا عَزَلَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَضِيءُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَزِيرَهُ عَضُدَ الدِّينِ أَبَا الْفَرَجِ بْنَ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ مُكْرَهًا لِأَنَّ قُطْبَ الدِّينِ قَايْمَازَ أَلْزَمَهُ بِعَزْلِهِ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ مُخَالَفَتُهُ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا مَاتَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَشَّابُ اللُّغَوِيُّ، وَكَانَ قَيِّمًا بِالْعَرَبِيَّةِ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَفِيهَا مَاتَ الْبُورِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، تَفَقَّهَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، وَقَدِمَ بَغْدَادَ وَوَعَظَ، وَكَانَ يَذُمُّ الْحَنَابِلَةَ، وَكَثُرَتْ أَتْبَاعُهُ، فَأَصَابَهُ إِسْهَالٌ، فَمَاتَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute