الرَّسَاتِيقَ، وَصَادَرَ الرَّعَايَا، فَلَمَّا سَمِعَ غِيَاثُ الدِّينِ ذَلِكَ لَمْ يَرْضَ لِنَفَسِهِ أَنْ يَسِيرَ هُوَ بَلْ سَيَّرَ مَلِكَ سِجِسْتَانَ، وَكَاتَبَ ابْنَ أُخْتِهِ بَهَاءَ الدِّينِ سَامَ، صَاحِبَ بَامِيَانَ، بِاللَّحَاقِ بِهِ، لِأَنَّ أَخَاهُ شِهَابَ الدِّينِ كَانَ بِالْهِنْدِ، وَالزَّمَانُ شِتَاءٌ، فَجَاءَ بَهَاءُ الدِّينِ ابْنُ أُخْتِ غِيَاثِ الدِّينِ وَمَلِكُ سِجِسْتَانَ وَمَنْ مَعَهُمَا مِنَ الْعَسَاكِرِ، وَوَافَقَ ذَلِكَ وُصُولَ سُلْطَان شَاهْ إِلَى هَرَاةَ، فَلَمَّا عَلِمَ بِوُصُولِهِمْ عَادَ إِلَى مَرْوَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ، وَأَحْرَقَ كُلَّ مَا مَرَّ بِهِ مِنَ الْبِلَادِ وَنَهَبَهُ، وَأَقَامَ بِمَرْوَ إِلَى الرَّبِيعِ، وَأَعَادَ مُرَاسَلَةَ غِيَاثِ الدِّينِ فِي الْمَعْنَى، فَأَرْسَلَ إِلَى أَخِيهِ شِهَابِ الدِّينِ يُعَرِّفَهُ الْحَالَ، فَنَادَى فِي عَسَاكِرِهِ الرَّحِيلَ لِسَاعَتِهِ، وَعَادَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَاجْتَمَعَ هُوَ وَأَخُوهُ غِيَاثُ الدِّينِ وَمَلِكُ سِجِسْتَانَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعَسَاكِرِ، وَقَصَدُوا سُلْطَان شَاهْ، فَلَمَّا عَلِمَ ذَلِكَ جَمَعَ عَسَاكِرَهُ وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ، مَنِ الْغُزِّ وَالْمُفْسِدِينَ، وَقَطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَمَنْ عِنْدَهُ طَمَعٌ، خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَنَزَلَ غِيَاثُ الدِّينِ وَمَنْ مَعَهُ فِي الطَّالْقَانِ، وَنَزَلَ سُلْطَان شَاهْ بِمَرْوِ الرُّوذِ، وَتَقَدَّمَ عَسْكَرُ الْغُورِيَّةِ إِلَيْهِ، وَتَوَاعَدُوا لِلْمَصَافِّ.
وَبَقُوا كَذَلِكَ شَهْرَيْنِ وَالرُّسُلُ تَتَرَدَّدُ بَيْنَ غِيَاثِ الدِّينِ وَبَيْنَ سُلْطَان شَاهْ، وَشِهَابُ الدِّينِ يَطْلُبُ مِنْ أَخِيهِ غِيَاثِ الدِّينِ الْإِذْنَ فِي الْحَرْبِ، فَلَا يَتْرُكُهُ، وَتَقَرَّرَ الْأَمْرُ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ غِيَاثُ الدِّينِ إِلَى سُلْطَان شَاهْ بُوشَنْجَ وَبَاذْغِيسَ وَقِلَاعَ بِيُوَارَ، وَكَرِهَ ذَلِكَ شِهَابُ الدِّينِ وَبَهَاءُ الدِّينِ سَامُ، صَاحِبُ بَامِيَانَ، إِلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يُخَالِفَا غِيَاثَ الدِّينِ، وَفِي آخِرِ الْأَمْرِ حَضَرَ رَسُولُ سُلْطَان شَاهْ عِنْدَ غِيَاثِ الدِّينِ، وَحَضَرَ الْأُمَرَاءُ ; لِيُكْتَب الْعَهْدُ، فَقَالَ الرَّسُولُ: إِنَّ سُلْطَانَ شَاهْ يَطْلُبُ أَنْ يَحْضُرَ شِهَابُ الدِّينِ وَبَهَاءُ الدِّينِ هَذَا الْأَمْرَ، فَأَرْسَلَ غِيَاثُ الدِّينِ إِلَيْهِمَا، فَأَعَادَا الْجَوَابَ: إِنَّنَا مَمَالِيكُكَ، وَمَهْمَا تَفْعَلْ لَا يُمْكِنْنَا مُخَالَفَتُكَ.
فَبَيْنَمَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ فِي تَحْرِيرِ الْأَمْرِ وَإِذْ قَدْ أَقْبَلَ مَجْدُ الدِّينِ الْعَلَوِيُّ الْهَرَوِيُّ، وَكَانَ خِصِّيصًا بِغِيَاثِ الدِّينِ بِحَيْثُ يَفْعَلُ فِي مُلْكِهِ مَا يَخْتَارُ فَلَا يُخَالَفُ، فَجَاءَ الْعَلَوِيُّ وَيَدُهُ فِي يَدِ أَلْب غَازِي ابْنِ أُخْتِ غِيَاثِ الدِّينِ، وَقَدْ كَتَبُوا الْكِتَابَ، وَقَدْ أَحْضَرَ غِيَاثُ الدِّينِ أَخَاهُ شِهَابَ الدِّينِ وَبَهَاءَ الدِّينِ سَامَ مَلِكِ الْبَامِيَانِ، فَجَاءَ الْعَلَوِيُّ كَأَنَّهُ يَسَارُ غِيَاثِ الدِّينِ، وَوَقَفَ فِي وَسَطِ الْحَلْقَةِ، وَقَالَ لِلرَّسُولِ: يَا فُلَانُ! تَقُولُ لِسُلْطَان شَاهْ: قَدْ تَمَّ لَكَ الصُّلْحُ مِنْ جَانِبِ السُّلْطَانِ الْأَعْظَمِ، وَمِنْ شِهَابِ الدِّينِ، وَبَهَاءِ الدِّينِ، وَيَقُولُ لَكَ الْعَلَوِيُّ خَصْمُكَ: أَنَا وَمَوْلَانَا أَلْب غَازِي بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ السَّيْفُ، ثُمَّ صَرَخَ صَرْخَةً وَمَزَّقَ ثِيَابَهُ، وَحَثَا التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ وَأَقْبَلَ عَلَى غِيَاثِ الدِّينِ، وَقَالَ لَهُ: هَذَا وَاحِدٌ طَرَدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute