للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُلْطَان شَاهْ، ثُمَّ أَخَذَ طُوسَ، وَالزَّامَ، وَضَيَّقَ الْأَمْرَ عَلَى طُغَان شَاهْ بِعُلُوِّ هِمَّتِهِ، وَقِلَّةِ قَرَارِهِ، وَحِرْصِهِ عَلَى طَلَبِ الْمُلْكِ.

وَكَانَ طُغَان شَاهْ يُحِبُّ الدَّعَةَ وَمُعَاقَرَةَ الْخَمْرِ، فَلَمْ يَزَلِ الْحَالُ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ مَاتَ طُغَانُ شَاهْ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ فِي الْمُحَرَّمِ، وَمَلَكَ ابْنُهُ سَنْجَر شَاهْ، فَغَلَبَ عَلَيْهِ مَمْلُوكُ جَدِّهِ الْمُؤَيَّدِ، اسْمُهُ مَنْكَلِي تَكِينَ، فَتَفَرَّقَ الْأُمَرَاءُ أَنَفَةً مِنْ تَحَكُّمِهِ، وَاتَّصَلَ أَكْثَرُهُمْ بِسُلْطَان شَاهْ، وَسَارَ الْمَلِكُ دِينَارٌ إِلَى كَرْمَانَ، وَمَعَهُ الْغُزُّ، فَمَلَكَهَا.

وَأَمَّا مَنْكَلِي تَكِينَ فَإِنَّهُ أَسَاءَ السِّيرَةَ فِي الرَّعِيَّةِ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، وَقَتَلَ بَعْضَ الْأُمَرَاءِ، فَسَمِعَ خُوَارَزْم شَاهْ بِذَلِكَ، فَسَارَ إِلَيْهِ، فَحَصَرَهُ بِنَيْسَابُورَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَحَصَرَهَا شَهْرَيْنِ، فَلَمْ يَظْفَرْ بِهَا وَعَادَ إِلَى خُوَارَزْمَ، ثُمَّ رَجَعَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ إِلَى نَيْسَابُورَ، فَحَصَرَهَا، وَطَلَبُوا مِنْهُ الْأَمَانَ، فَأَمَّنَهُمْ، فَسَلَّمُوا الْبَلَدَ إِلَيْهِ، فَقُتِلَ مَنْكَلِي تَكِينَ وَأَخَذَ سَنْجَر شَاهْ وَأَكْرَمَهُ، وَأَنْزَلَهُ بِخُوَارَزْمَ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى نَيْسَابُورَ يَسْتَمِيلُ أَهْلَهَا لِيَعُودَ إِلَيْهِمْ، فَسَمِعَ بِهِ خُوَارَزْم شَاهْ، فَأَخَذَ سَنْجَر شَاهْ فَسَمَلَهُ، وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ بِأُمِّهِ وَزَوَّجَهُ بِابْنَتِهِ، فَمَاتَتْ، فَزَوَّجَهُ بِأُخْتِهِ، وَبَقِيَ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.

ذَكَرَ هَذَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ " مَشَارِبِ التَّجَارِبِ "، وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالتَّوَارِيخِ هَذِهِ الْحَوَادِثَ مُخَالِفَةً لِهَذَا فِي بَعْضِ الْأُمُورِ مَعَ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ، وَنَحْنُ نُورِدُهَا، فَقَالَ إِنَّ تُكَشَ خُوَارَزْم شَاهْ إِيلْ أَرْسِلَان أَخْرَجَ أَخَاهُ سُلْطَان شَاهْ مِنْ خُوَارَزْمَ، وَكَانَ قَدْ مَلَكَهَا بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، فَجَاءَ إِلَى مَرْوَ، فَمَلَكَهَا وَأَزَاحَ الْغُزَّ عَنْهَا، فَخَرَجُوا أَيَّامًا، ثُمَّ عَادُوا عَلَيْهِ، فَأَخْرَجُوهُ مِنْهَا، وَانْتَهَبُوا خِزَانَتَهُ، وَقَتَلُوا أَكْثَرَ رِجَالِهِ، فَعَبَرَ إِلَى الْخَطَا، فَاسْتَنْجَدَهُمْ، وَضَمِنَ لَهُمْ مَالًا، وَجَاءَ بِجَيْشٍ عَظِيمٍ، فَأَخْرَجَ الْغُزَّ عَنْ مَرْوَ، وَسَرْخَسَ، وَنَسَا، وَأَبْيُوَرْدَ، وَمَلَكَهَا وَرَدَّ الْخَطَا.

فَلَمَّا أُبْعِدُوا كَاتَبَ غِيَاثَ الدِّينِ الْغُورِيَّ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَنْزِلَ عَنْ هَرَاةَ وَبُوشَنْجَ وَبَاذْغِيسَ وَمَا وَالَاهَا، وَيَتَوَعَّدُهُ إِنْ هُوَ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ ذَلِكَ، فَأَجَابَهُ غِيَاثُ الدِّينِ يَطْلُبُ مِنْهُ إِقَامَةَ الْخُطْبَةِ لَهُ بِمَرْوَ وَسَرْخَسَ وَمَا مَلَكَهُ مِنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ، فَلَمَّا سَمِعَ الرِّسَالَةَ سَارَ عَنْ مَرْوَ وَشَنَّ الْغَارَاتِ عَلَى بَاذْغِيسَ وَبَيْوَارَ وَمَا وَالَاهَا، وَحَصَرَ بُوشَنْجَ وَنَهَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>